للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها من النعم التي لا يقدر عليها إلا الله وحده مكفورة عندهم.

[[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٦٨]]

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨)

افتراؤهم على الله كذبا: زعمهم أن لله شريكا. وتكذيبهم بما جاءهم من الحق: كفرهم بالرسول والكتاب. وفي قوله لَمَّا جاءَهُ تسفيه لهم، يعنى: لم يتلعثموا في تكذيبه وقت سمعوه، ولم يفعلوا كما يفعل المراجيح العقول المثبتون في الأمور: يسمعون الخبر فيستعملون فيه الروية والفكر، ويستأنون إلى أن يصح لهم صدقه أو كذبه أَلَيْسَ تقرير لثوائهم في جهنم، كقوله:

ألستم خير من ركب المطايا «١»

قال بعضهم: ولو كان استفهاما ما أعطاه الخليفة مائة من الإبل. وحقيقته: أن الهمزة همزة الإنكار دخلت على النفي، فرجع إلى معنى التقرير، فهما وجهان، أحدهما: ألا يثوون في جهنم، وألا يستوجبون الثواء فيها، وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله، وكذبوا بالحق هذا التكذيب والثاني: ألم يصح عندهم أن في جهنم مثوى للكافرين، حتى اجترءوا مثل هذه الجرأة؟.

[[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٦٩]]

وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)

أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول، ليتناول كل ما يجب مجاهدته من النفس الأمّارة بالسوء والشيطان وأعداء الدين فِينا في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا لنزيدنهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقا، كقوله تعالى وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وعن أبى سليمان الداراني: والذين جاهدوا فيما علموا لنهدينهم إلى ما لم يعلموا. وعن بعضهم: من عمل بما يعلم وفق لما لا يعلم. وقيل: إن الذي نرى من جهلنا بما لا نعلم، إنما هو من تقصيرنا فيما نعلم لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ لناصرهم ومعينهم.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين «٢» » .


(١) .
ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح
لجرير: في عبد الملك بن مروان. والاستفهام للإنكار، يعنى: لا تنتفى زيادتكم في الفضل والكرم على جميع الناس ومن ركب المطايا: كناية عنهم، لأن الركوب من خواصهم. والراح: اسم جمع واحده راحة، وهي ما عدا الأصابع من الكف، وذلك كناية عن الكرم، لأن بها بذل المعروف في العادة. قيل: لما بلغ جرير هذا البيت في القصيدة، كان عبد الملك متكئا فاستوى جالسا فرحا وقال: هكذا مدحنا. وأعطاه مائة من الإبل.
(٢) . أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي من حديث أبى بن كعب.