للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن اختار الكفر بالشيطان أو الأصنام والإيمان باللَّه فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى من الحبل الوثيق المحكم، المأمون انفصامها، أى انقطاعها. وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر، والاستدلال بالمشاهد المحسوس، حتى يتصوّره السامع كأنه ينظر إليه بعينه، فيحكم اعتقاده والتيقن به. وقيل: هو إخبار في معنى النهى، أى لا تتكرهوا في الدين. ثم قال بعضهم: هو منسوخ بقوله جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وقيل: هو في أهل الكتاب خاصة لأنهم حصنوا أنفسهم بأداء الجزية. وروى أنه كان لأنصارىّ من بنى سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما وقال: واللَّه لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا، فاختصموا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال الأنصارى: يا رسول اللَّه أيدخل بعضى النار وأنا أنظر؟ فنزلت، فخلاهما «١»

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٧]]

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥٧)

اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا أى أرادوا أن يؤمنوا يلطف بهم حتى يخرجهم بلطفه وتأييده من الكفر إلى الإيمان. وَالَّذِينَ كَفَرُوا أى صمموا على الكفر أمرهم على عكس ذلك. أو اللَّه ولىّ المؤمنين يخرجهم من الشبه في الدين- إن وقعت لهم- بما يهديهم ويوفقهم له من حلها، حتى يخرجوا منها إلى نور اليقين وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الشياطين يُخْرِجُونَهُمْ من نور البينات التي تظهر لهم إلى ظلمات الشك والشبهة.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٥٨ الى ٢٥٩]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩)


(١) . أخرجه الواحدي في أسبابه من قول مسروق، وكذلك البغوي، وقد أخرج الطبري من رواية أبى إسحاق عن محمد بن أبى محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: نزلت في رجل من الأنصار من بنى سالم بن عوف يقال له. الحصين: كان له ابنان نصرانيان وكان هو مسلما، فقال: يا رسول اللَّه، ألا أستكرههما فأنزل اللَّه تعالى: (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) … الآية.