للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يريد: لا يشغلهم نوع من هذه الصناعة، ثم خص البيع لأنه في الإلهاء أدخل، من قبل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة وهي طلبته الكلية من صناعته: ألهته ما لا يلهيه شراء شيء يتوقع فيه الريح في الوقت الثاني، لأن هذا يقين وذاك مظنون. وإمّا أن يسمى الشراء تجارة، إطلاقا لاسم الجنس على النوع، كما تقول: رزق فلان تجارة رابحة إذا اتجه له بيع صالح أو شراء. وقيل:

التجارة لأهل الجلب، اتجر فلان في كذا: إذا جلبه. التاء في إقامة، عوض من العين الساقطة للإعلال. والأصل: إقوام» فلما أضيفت أقيمت الإضافة مقام حرف التعويض، فأسقطت. ونحوه:

وأخلفوك عد الأمر الّذى وعدوا «١»

وتقلب القلوب والأبصار: إما أن تتقلب وتتغير في أنفسها: وهو أن تضطرب من الهول والفزع وتشخص، كقوله وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ. وإما أن تتقلب أحوالها وتتغير فتفقه القلوب بعد أن كانت مطبوعا عليها لا تفقه، وتبصر الأبصار بعد أن كانت عميا لا تبصر أَحْسَنَ ما عَمِلُوا أى أحسن جزاء أعمالهم، كقوله لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى والمعنى يسبحون ويخافون، ليجزيهم ثوابهم مضاعفا ويزيدهم على الثواب تفضلا. وكذلك معنى قوله الْحُسْنى وَزِيادَةٌ المثوبة الحسنى وزيادة عليها من التفضل. وعطاء الله تعالى: إما تفضل، وإما ثواب، وإما عوض وَاللَّهُ يَرْزُقُ ما يتفضل به بِغَيْرِ حِسابٍ فأما الثواب فله حساب لكونه على حسب الاستحقاق.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٣٩]]

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩)

السراب: ما يرى في الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة. يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجرى. والقيعة: بمعنى القاع أو جمع قاع، وهو المنبسط المستوى من الأرض، كجيرة في جار. وقرئ: بقيعات: بتاء ممطوطة، كديمات وقيمات، في ديمة وقيمة. وقد جعل بعضهم بقيعاة بتاء مدورة، كرجل عزهاة، شبه ما يعمله من لا يعتقد الإيمان ولا يتبع الحق من الأعمال الصالحة التي يحسبها تنفعه عند الله وتنجيه من عذابه ثم تخيب في العاقبة أمله ويلقى خلاف ما قدّر، بسراب يراه الكافر بالساهرة وقد غلبه عطش يوم القيامة فيحسبه ماء، فيأتيه فلا يجد ما رجاه ويجد زبانية الله عنده يأخذونه فيعتلونه إلى جهنم فيسقونه الحميم والغساق، وهم الذين قال الله فيهم عامِلَةٌ ناصِبَةٌ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً، وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً


(١) . تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٣٢٣ فراجعه إن شئت اه مصححه