وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ يعنى وأبطرتهم النعمة وأشروا فقالوا: هذه عادة الدهر، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء. وقد مس آباؤنا نحو ذلك، وما هو بابتلاء من الله لعباده، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلا أن نأخذهم بالعذاب فَأَخَذْناهُمْ أشد الأخذ وأفظعه، وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم.
اللام في القرى: إشارة إلى القرى التي دل عليها قوله وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ كأنه قال:
ولو أنّ أهل تلك القرى الذين كذبوا وأهلكوا آمَنُوا بدل كفرهم وَاتَّقَوْا المعاصي مكان ارتكابها لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لآتيناهم بالخير من كل وجه. وقيل أراد المطر والنبات وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بسوء كسبهم ويجوز أن تكون اللام في القرى للجنس. فإن قلت: ما معنى فتح البركات عليهم؟ قلت: تيسيرها عليهم كما ييسر أمر الأبواب المستغلقة بفتحها. ومنه قولهم: فتحت على القارئ، إذا تعذرت عليه القراءة فيسرتها عليه بالتلقين.
البيات يكون بمعنى البيتوتة. يقال: بات بياتاً. ومنه قوله تعالى فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ وقد يكون بمعنى التبييت، كالسلام بمعنى التسليم. يقال: بيته العدو بياتاً، فيجوز أن يراد: أن يأتيهم بأسنا بائتين، أو وقت بيات، أو مبيتاً، أو مبيتين، أو يكون بمعنى تبييتاً، كأنه قيل:
أن يبيتهم بأسنا بياتاً. وضُحًى نصب على الظرف. يقال: أتانا ضحى، وضحيا، وضحاء