الخ» قال أحمد: إطلاق الدواب على الأناسى بعيد من عرف اللغة، فكيف في إطلاقه على الملائكة. والصواب- والله أعلم-: هو الوجه الأول، وقد جاء مفسرا في غير ما آية، كقوله إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ثم قال وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ فخص هذا الأمر بالأرض، والله أعلم. (٢) . إذا: ظرف للمستقبل، فإذا دخل عليه الماضي كان مستقبلا، أو المضارع كان نصا في الاستقبال، وجرد من الناقة أمرا آخر لشدة سيرها، فلذلك قال: منها. وأصل المعنى: أبعثها في آخر الليل كالناشط، وهو الثور الوحشي يخرج من أرض إلى أخرى، والمذعور: الخائف وهو كناية عن سريع السير جدا. (٣) . قال محمود: «الآية مخصوصة بالمجرمين … الخ» قال أحمد: هذه الآية تنكسر عندها القدرية ولا يمكنهم ترويج حيلة في صرفها عن مقتضى نصها، فإنهم حملوا قوله تعالى وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ على التائب، وهو غير ممكن لهم هاهنا، فانه قد أثبت التبعيض في العفو، ومحال عندهم أن يكون العفو هنا مقرونا بالتوبة، فانه يلزم تبعيض التوبة أيضا. وهي عندهم لا تتبعض. وكذلك نقل الامام عن أبى هاشم وهو رأس الاعتزال والذي تولى كبره منهم. فلا محمل لها إلا الحق الذي لا مرية فيه، وهو مرد العفو إلى مشيئة الله تعالى غير موقوف على التوبة. وقول الزمخشري إن الآلام التي تصيب الأطفال والمجانين لها أعواض، إنما يريد به وجوب العوض على الله تعالى على سياق معتقده، وقد أخطأ على الأصل والفرع، لأن المعتزلة وإن أخطأت في إيجاب العوض، فلم تقل بإيجابه في الأطفال والمجانين. ألا ترى أن القاضي أبا بكر ألزمهم قبح إيلام البهائم والأطفال والمجانين فقال: لا أعواض لها، وليس مترتبا على استحقاق سابق فيحسن، فإنما يتم إلزامه بموافقتهم له على أن لا أعواض لها.