وَلا تَتَمَنَّوْا نهوا عن التحاسد وعن تمنى ما فضل اللَّه به بعض الناس على بعض من الجاه والمال، لأن ذلك التفضيل قسمة من اللَّه صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد، وبما يصلح المقسوم له من بسط في الرزق أو قبض (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له علماً بأن ما قسم له هو مصلحته، ولو كان خلافه لكان مفسدة له، ولا يحسد أخاه على حظه لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا جعل ما قسم لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرف اللَّه من حاله الموجبة للبسط أو القبض كسباً له وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ولا تتمنوا أنصباء غيركم من الفضل، ولكن سلوا اللَّه من خزائنه التي لا تنفد. وقيل: كان الرجال قالوا: إن اللَّه فضلنا على النساء في الدنيا: لنا سهمان ولهن سهم واحد، فنرجو أن يكون لنا أجران في الآخرة على الأعمال ولهنّ أجر واحد، فقالت أم سلمة ونسوة معها: ليت اللَّه كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال، فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم. فنزلت.
مِمَّا تَرَكَ تبيين لكل، أى: ولكل شيء مما ترك الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ من المال جعلنا موالي وراثا يلونه ويحرزونه: أو ولكل قوم جعلناهم موالي، نصيب مما ترك الوالدان والأقربون على أن (جَعَلْنا مَوالِيَ) صفة لكل، والضمير الراجع إلى كل محذوف، والكلام مبتدأ وخبر، كما تقول: لكل من خلقه اللَّه إنسانا من رزق اللَّه، أى حظ من رزق اللَّه، أو: ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك، أى ورّاثا مما ترك، على أن «من» صلة موالي، لأنهم في معنى الورّاث، وفي:(تَرَكَ) ضمير كلّ، ثم فسر الموالي بقوله:(الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) كأنه قيل: من هم؟ فقيل: الوالدان والأقربون وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ مبتدأ ضمن معنى الشرط. فوقع خبره مع الفاء وهو قوله فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ويجوز أن يكون منصوباً على قولك: زيداً فاضربه. ويجوز أن يعطف على الوالدان، ويكون المضمر في:(فَآتُوهُمْ) للموالي، والمراد بالذين عاقدت أيمانكم: موالي الموالاة