للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صار، ولكن عاد، ما عدت أراه عاد لا يكلمني، ما عاد لفلان مال. أو خاطبوا به كل رسول ومن آمن به، فغلبوا في الخطاب الجماعة على الواحد لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ حكاية تقتضي إضمار القول، أو إجراء الإيحاء مجرى القول، لأنه ضرب منه. وقرأ أبو حيوة: «ليهلكنّ» ، و «ليسكننكم» بالياء اعتباراً لأوحى، وأن لفظه لفظ الغيبة، ونحوه قولك: أقسم زيد ليخرجن ولأخرجن.

والمراد بالأرض. أرض الظالمين وديارهم، ونحوه وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا، وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ. وعن النبي صلى الله عليه وسلم «من آذى جاره ورثه الله داره «١» » ولقد عاينت هذا في مدة قريبة: كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا منها ويؤذيني فيه، فمات ذلك العظيم وملكني الله ضيعته، فنظرت يوما إلى أبناء خالي يتردّدون فيها ويدخلون في دورها ويخرجون ويأمرون وينهون فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدّثتهم به، وسجدنا شكراً لله ذلِكَ إشارة إلى ما قضى به الله من إهلاك الظالمين إسكان المؤمنين ديارهم، أى ذلك الأمر حق لِمَنْ خافَ مَقامِي موقفي وهو موقف الحساب، لأنه موقف الله الذي يقف «٢» فيه عباده يوم القيامة، أو على إقحام المقام. وقيل: خاف قيامي عليه وحفظي لأعماله. والمعنى أنّ ذلك حق للمتقين، كقوله وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١٥ الى ١٧]

وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧)

وَاسْتَفْتَحُوا واستنصروا الله على أعدائهم إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ أو استحكموا الله وسألوه القضاء بينهم من الفتاحة وهي الحكومة، كقوله تعالى رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وهو معطوف على فَأَوْحى إِلَيْهِمْ وقرئ: «واستفتحوا» ، بلفظ الأمر. وعطفه على لَنُهْلِكَنَّ أى: أوحى إليهم ربهم وقال لهم لنهلكنّ وقال لهم استفتحوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ معناه فنصروا وظفروا وأفلحوا، وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وهم قومهم. وقيل: واستفتح الكفار على الرسل، ظنا منهم بأنهم على الحق والرسل على الباطل، وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ منهم ولم يفلح باستفتاحه مِنْ وَرائِهِ من بين يديه. قال:


(١) . لم أجده.
(٢) . قوله «يقف فيه عباده» في الصحاح: يتعدى ولا يتعدى. (ع)