للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ابتياع الرقاب وإعتاقها. وقيل في فك الأسارى. فإن قلت: قد ذكر إيتاء المال في هذه الوجوه ثم قفاه بإيتاء الزكاة فهل دلّ ذلك على أنّ في المال حقا سوى الزكاة؟ قلت: يحتمل ذلك. وعن الشعبي: أنّ في المال حقاً سوى الزكاة، وتلا هذه الآية. ويحتمل أن يكون ذلك بيان مصارف الزكاة، أو يكون حثا على نوافل الصدقات والمبارّ. وفي الحديث «نسخت الزكاة كلَّ صدقة» «١» يعنى وجوبها. وروى «ليس في المال حق سوى الزكاة» «٢» وَالْمُوفُونَ عطف على من آمن.

وأخرج. الصَّابِرِينَ منصوباً على الاختصاص والمدح، إظهار الفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال. وقرئ: والصابرون. وقرئ. والموفين، والصابرين. والْبَأْساءِ الفقر والشدّة وَالضَّرَّاءِ المرض والزمانة صَدَقُوا كانوا صادقين جادّين في الدين.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٧٨ الى ١٧٩]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)

عن عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وعطاء، وعكرمة، وهو مذهب مالك والشافعي «٣» رحمة اللَّه عليهم: أنّ الحر لا يقتل بالعبد، والذكر لا يقتل بالأنثى، أخذا بهذه الآية. ويقولون:

هي مفسرة لما أبهم في قوله: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ولأن تلك واردة لحكاية ما كتب في التوراة على أهلها، وهذه خوطب بها المسلمون وكتب عليهم ما فيها. وعن سعيد ابن المسيب، والشعبي والنخعي، وقتادة، والثوري، وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه: أنها منسوخة بقوله: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) والقصاص ثابت بين العبد والحرّ، والذكر والأنثى. ويستدلون بقوله صلى اللَّه عليه وسلم


(١) . أخرجه الدارقطني والبيهقي، من حديث على رضى اللَّه عنه. وإسناده ضعيف. وأخرجه عبد الرزاق من قول على موقوفا
(٢) . أخرجه ابن ماجة من رواية أبى حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس بهذا. وترجم عليه- باب ما أدى زكاته فليس بكنز- وقال البيهقي: والذي يرويه أصحابنا في التعاليق «ليس في المال حق سوى الزكاة» لا أحفظ له إسناداً وقد رواه الترمذي وأبو يعلى والطبراني من هذا الوجه، بلفظ «إن في المال حقا سوى الزكاة» قال الترمذي: ليس إسناده بذاك. وقد رواه بيان وإسماعيل عن الشعبي قال. وهو أصح.
(٣) . قال محمود رحمه اللَّه: «مذهب مالك والشافعي رضى اللَّه عنهما أن الحر لا يقتل بالعبد والذكر لا يقتل بالأنثى … الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: وهذا من الزمخشري وهم على الإمامين، فإنهما يقتصان من الذكر للأنثى بلا خلاف عنهما. وأما الحر والعبد عندهما فهو الذي وهم الزمخشري عنهما.