للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففعل. كثبرته فثبر. وفي الحديث: «خير المالك سكة «١» مأبورة ومهرة مأمورة «٢» » أى كثيرة النتاج. وروى أن رجلا من المشركين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى أرى أمرك هذا حقيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: إنه سيأمر «٣» . أى سيكثر وسيكبر.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٧]]

وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧)

وقرئ: آمرنا من أمر وأمره غيره. وأمّرنا بمعنى أمرنا، أو من أمر إمارة، وأمره الله.

أى: جعلناهم أمراء وسلطناهم كَمْ مفعول أَهْلَكْنا ومِنَ الْقُرُونِ بيان لكم وتمييز له، كما يميز العدد بالجنس، يعنى عاد وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا. ونبه بقوله وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً على أن الذنوب هي أسباب الهلكة لا غير، وأنه عالم بها ومعاقب عليها.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٨ الى ١٩]

مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩)

من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها كالكفرة وأكثر الفسقة «٤» ، تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد الأمر تقييدين، أحدهما: تقييد المعجل بمشيئته. والثاني: تقييد المعجل له بإرادته، وهكذا الحال: ترى كثيرا من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضاً منه، وكثيرا منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه، فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأمّا


(١) . قوله «كثبرته فثبر، وفي الحديث خير المال سكة مأبورة» في الصحاح «ثبرته» أى حبسته. وفيه «السكة» الطريقة من النخل. وفيه «أبر نخله» أى لقحه وأصلحه. (ع)
(٢) . أخرجه حميد وإسحاق وابن أبى شيبة والحرث والطبراني وأبو عبيد من رواية مسلم بن بديل عن إياس بن زهير عن سويد بن هبيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «خير مال المرء ميرة مأمورة أو سكة مأثورة. قال ابن إسحاق ومعه النضر بن شميل وغيره يرفعه.
(٣) . لم أجده.
(٤) . قال محمود: «أى من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها كالكفرة وأكثر الفسقة … الخ» قال أحمد: ومثل ذلك التقييد ورد في الآية الأخرى، وهو قوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ فأدخل «من» المبعضة على حرث الدنيا، ونحل الطالب حرث الآخرة مراده، وزاد عليه.