لا تُحْصُوها لا تضبطوا عددها ولا تبلغه طاقتكم، فضلا أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر، أتبع ذلك ما عدّد من نعمه تنبيهاً على أنّ وراءها ما لا ينحصر ولا ينعدّ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعمة، ولا يقطعها عنكم لتفريطكم، ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ من أعمالكم، وهو وعيد.
يدعون، على البناء للمفعول. نفى عنهم خصائص الإلهية بنفي كونهم خالقين وأحياء لا يموتون وعالمين بوقت البعث، وأثبت لهم صفات الخلق بأنهم مخلوقون وأنهم أموات وأنهم جاهلون بالغيب. ومعنى أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ أنهم لو كانوا آلهة على الحقيقة لكانوا أحياء غير أموات، أى غير جائز عليها الموت كالحىّ الذي لا يموت وأمرهم على العكس من ذلك. والضمير في يُبْعَثُونَ للداعين، أى لا يشعرون متى تبعث عبدتهم. وفيه تهكم بالمشركين وأنّ آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم، فكيف يكون لهم وقت جزاء منهم على عبادتهم. وفيه دلالة على أنه لا بدّ من البعث وأنه من لوازم التكليف. ووجه آخر: وهو أن يكون المعنى أن الناس يخلقونهم بالنحت والتصوير، وهم لا يقدرون على نحو ذلك، فهم أعجز من عبدتهم أموات جمادات لا حياة فيها، غير أحياء يعنى أنَّ من الأموات ما يعقب موته حياة، كالنطف التي ينشئها الله حيوانا، وأجساد الحيوان التي تبعث بعد موتها. وأمّا الحجارة فأموات لا يعقب موتها حياة، وذلك أعرق في موتها وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ أى وما يعلم هؤلاء الآلهة متى تبعث الأحياء تهكما بحالها، لأنّ شعور الجماد محال، «١» فكيف بشعور ما لا يعلمه حىّ إلا الحىّ القيوم سبحانه. ووجه ثالث: وهو أن يراد بالذين يدعون الملائكة، وكان ناس منهم يعبدونهم، وأنهم أموات: أى لا بدّ لهم من الموت، غير أحياء: غير باقية حياتهم. وما يشعرون: ولا علم لهم بوقت بعثهم. وقرئ: إيان، بكسر الهمزة.
(١) . قوله «لأن شعور الجماد محال» أى شعوره بما يشعر به الحيوان محال، فكيف بشعوره بما لا يعلمه حيوان وإنما يعلمه الحي القيوم، وهو وقت البعث. ولعل في عبارة المصنف سقطاً تقديره: شعور الجماد بما يشعر به الحيوان. (ع)