للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله وفتحا قريبا؟ قلت: يجوز أن ينصب على الاختصاص. أو على تنصرون نصرا، ويفتح لكم فتحا. أو على: يغفر لكم ويدخلكم جنات، ويؤتكم أخرى نصرا من الله وفتحا.

[[سورة الصف (٦١) : آية ١٤]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤)

قرئ: كونوا أنصار الله وأنصارا لله. وقرأ ابن مسعود: كونوا أنتم أنصار الله. وفيه زيادة حتم للنصرة عليهم. فإن قلت: ما وجه صحة التشبيه- وظاهره تشبيه كونهم أنصارا بقول عيسى صلوات الله عليه: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «١» ؟ قلت: التشبيه محمول على المعنى، وعليه يصح. والمراد: كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ. فإن قلت: ما معنى قوله مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ؟ قلت: يجب أن يكون معناه مطابقا لجواب الحواريين نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ والذي يطابقه أن يكون المعنى: من جندي متوجها إلى نصرة الله، وإضافة أَنْصارِي خلاف إضافة أَنْصارَ اللَّهِ فإنّ معنى نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ:

نحن الذين ينصرون الله. ومعنى مَنْ أَنْصارِي من الأنصار الذين يختصون بى ويكونون معى في نصرة الله، ولا يصح أن يكون معناه: من ينصرني مع الله، لأنه لا يطابق الجواب. والدليل عليه: قراءة من قرأ: من أنصار الله. والحواريون أصفياؤه وهم أوّل من آمن به وكانوا اثنى عشر رجلا، وحوارى الرجل: صفيه وخلصانه «٢» من الحور وهو البياض الخالص. والحوّارى:

الدرمك. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «الزبير ابن عمّى وحواريي من أمتى» «٣» وقيل:

كانوا قصارين يحوّرون الثياب يبيضونها. ونظير الحوارى في زنته: الحوالى: الكثير الحيل فَآمَنَتْ طائِفَةٌ منهم بعيسى وَكَفَرَتْ به طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا مؤمنيهم على كفارهم، فظهروا


(١) . قال محمود: «إن قلت ما وجه التشبيه وظاهره تشبيه كونهم أنصارا … الخ» قال أحمد: كلام حسن وتمام على الذي أحسن: أن يميز بين الاضافتين المذكورتين: بأن الأولى محضة والثانية غير محضة، فتنبه لها، والله الموفق.
(٢) . قوله «وخلصانه» أى خالصته، يستوي فيه الواحد والكثير، كذا في الصحاح. وفيه: الدرمك:
دقيق الحوارى. وفيه أيضا: والحوارى ما حور من الطعام، أى بيض. وهذا دقيق حوارى، وكل هذه بالضم كما أفاده الصحاح. (ع)
(٣) . أخرجه النسائي من حديث جابر. وهو في الصحيحين بلفظ «لكل نبى حوارى وحواريي الزبير» .