للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجب أن لا يكون معهم ما ينفرهم عنهم، ولم يكن الكفر عندهم مما ينفر. وأما الكشخنة «١» فمن أعظم المنفرات.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ١٧ الى ١٨]

يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨)

أى كراهة أَنْ تَعُودُوا أو في أن تعودوا، من قولك: وعظت فلانا في كذا فتركه.

وأبدهم ما داموا أحياء مكلفين. وإِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فيه تهييج لهم ليتعظوا، وتذكير بما يوجب ترك العود، وهو اتصافهم بالإيمان الصادّ عن كل مقبح، ويبين الله لكم الدلالات على علمه وحكمته بما ينزل عليكم من الشرائع، ويعلمكم من الآداب الجميلة، ويعظكم به من المواعظ الشافية، والله عالم بكل شيء، فاعل لما يفعله بدواعى الحكمة.

[[سورة النور (٢٤) : آية ١٩]]

إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩)

المعنى: يشيعون الفاحشة عن قصد إلى الإشاعة، وإرادة ومحبة لها، وعذاب الدنيا الحدّ، ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبىّ وحسانا ومسطحا، وقعد صفوان لحسان فضربه ضربة بالسيف، وكفّ بصره. وقيل: هو المراد بقوله وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما في القلوب من الأسرار والضمائر وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يعنى أنه قد علم محبة من أحب الإشاعة، وهو معاقبة عليها.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٢٠]]

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠)

وكرّر المنة بترك المعاجلة بالعقاب، حاذفا جواب لولا كما حذفه ثمة. وفي هذا التكرير مع حذف الجواب مبالغة عظيمة، وكذلك في التوّاب والرءوف والرحيم.

[[سورة النور (٢٤) : آية ٢١]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)

الفحشاء والفاحشة: ما أفرط قبحه. قال أبو ذؤيب:


(١) . قوله «الكشخنة» كأنها الدياثة. (ع)