للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه وسلم، إذا مات ولد العبد قال اللَّه تعالى للملائكة: أقبضتم ولد عبدى؟ فيقولون: نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة قلبه؟ فيقولون: نعم، فيقول اللَّه تعالى: ماذا قال عبدى؟ فيقولون:

حمدك واسترجع، فيقول اللَّه تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد «١» . والصلاة:

الحنو والتعطف، فوضعت موضع الرأفة وجمع بينها وبين الرحمة. كقوله تعالى: (رَأْفَةً وَرَحْمَةً) (لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) . والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة. ورحمة أىّ رحمة. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ لطريق الصواب حيث استرجعوا وسلموا لأمر اللَّه.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٥٨]]

إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)

والصفا والمروة: علمان للجبلين، كالصمان والمقطم، والشعائر: جمع شعيرة وهي العلامة، أى من أعلام مناسكه ومتعبداته: والحج: القصد. والاعتمار: الزيارة، فغلبا على قصد البيت وزيارته للنسكين المعروفين، وهما في المعاني كالنجم والبيت في الأعيان. وأصل يَطَّوَّفَ يتطوّف فأدغم. وقرئ (أن يطوف) من طاف. فإن قلت: كيف قيل إنهما من شعائر اللَّه ثم قيل لا جناح عليه أن يطوف بهما؟ قلت: كان على الصفا أساف، وعلى المروة نائلة، وهما صنمان، يروى أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة، فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما، فلما طالت المدّة عُبدا من دون اللَّه، فكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما، فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما لأجل فعل الجاهلية وأن لا يكون عليهم جناح في ذلك، فرفع عنهم الجناح. واختلف في السعى، فمن قائل: هو تطوّع بدليل رفع الجناح وما فيه من التخيير بين الفعل والترك، كقوله: (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) وغير ذلك، ولقوله وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً كقوله: (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) . ويروى ذلك عن أنس وابن عباس وابن الزبير، وتنصره قراءة ابن مسعود: فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما. وعن أبى حنيفة رحمه اللَّه أنه واجب وليس بركن وعلى تاركه دم. وعند الأوّلين لا شيء عليه. وعند مالك والشافعي: هو ركن، لقوله عليه السلام «اسعوا فإن اللَّه كتب عليكم السعى» «٢» وقرئ: ومن يطوّع بمعنى: ومن يتطوّع، فأدغم.


(١) . أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. وأخرجه أحمد وغيره من حديث. وصححه ابن حبان. ورواه البيهقي في الشعب مرفوعا وموقوفا.
(٢) . أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما: سئل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عام حج عن الرمل فذكره. رواه الشافعي وأحمد وإسحاق والطبراني والدارقطني والحاكم من رواية عبد اللَّه بن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن ابن مخيس عن عطاء بن أبى رباح عن حبيبة بنت أبى تجراة قالت: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه، وهو وراءهم يسعى حتى إنى لأرى ركبتيه من شدة السعى، وهو يقول «اسعوا فان للَّه كتب عليكم السعى» وعبيد اللَّه ضعيف. وأخرجه الحاكم من طريق آخر عن عبد اللَّه بن شيبه عن جدته صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبى تجراة. قالت: اطلعت بكرة بين الصفا والمروة فأشرفت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وإذا هو يسعى، ويقول لأصحابه «اسعوا فان اللَّه كتب عليكم السعى» وأخرجه الطبراني والبيهقي من رواية ابن عيينة عن المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم، عن صفية عن تملك العبدرية قالت نظرت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأنا في غرفة لي بين الصفا والمروة وهو يقول: «أيها الناس إن اللَّه كتب عليكم السعى فاسعوا» والمثنى ضعيف. وأخرجه الطبراني من رواية حميد بن عبد الرحمن عن المثنى بن الصباح فلم يذكر تملك. [.....]