للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الولد، ثم بين إحالة ذلك بأن من إذا أراد شيئا من الأجناس كلها أوجده بكن، كان منزها من شبه الحيوان الوالد. والقول هاهنا مجاز، ومعناه: أنّ إرادته للشيء يتبعها كونه لا محالة من غير توقف، فشبه ذلك بأمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور الممتثل.

[[سورة مريم (١٩) : آية ٣٦]]

وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦)

قرأ المدنيون وأبو عمرو بفتح أن. ومعناه: ولأنه ربى وربكم فاعبدوه، كقوله وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً والأستار وأبو عبيد بالكسر على الابتداء. وفي حرف أبىّ: إن الله، بالكسر بغير واو، وبأن الله، أى: بسبب ذلك «١» فاعبدوه.

[[سورة مريم (١٩) : آية ٣٧]]

فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧)

الْأَحْزابُ اليهود والنصارى عن الكلبي. وقيل النصارى لتحزبهم ثلاث فرق: نسطورية ويعقوبية وملكانية. وعن الحسن: الذين تحزبوا على الأنبياء لما قص عليهم قصة عيسى اختلفوا فيه من بين الناس مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ أى من شهودهم هول الحساب والجزاء في يوم القيامة أو من مكان الشهود فيه وهو الموقف. أو من وقت الشهود، أو من شهادة ذلك اليوم عليهم، وأن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بالكفر وسوء الأعمال. أو من مكان الشهادة أو وقتها. وقيل: هو ما قالوه وشهدوا به في عيسى وأمه.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٨ الى ٤٠]

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)

لا يوصف الله تعالى بالتعجب وإنما المراد أن أسماعهم وأبصارهم يومئذ جدير بأن يتعجب منهما بعد ما كانوا صما وعميا في الدنيا. وقيل: معناه التهديد بما سيسمعون ويبصرون مما يسوءهم ويصدع قلوبهم. أوقع الظاهر أعنى الظالمين موقع الضمير: إشعارا بأن لا ظلم أشد من ظلمهم، حيث أغفلوا الاستماع والنظر حين يجدى عليهم ويسعدهم. والمراد بالضلال المبين: إغفال النظر والاستماع قُضِيَ الْأَمْرُ فرغ من الحساب وتصادر الفريقان إلى الجنة والنار. وعن النبي صلى


(١) . قوله «وبأن الله أى بسبب ذلك» لعله: أى بأن الله. ويمكن أنه عطف على أن الله، ويكون في حرف أبى القراءتان. (ع) (٢- كشاف- ٣)