للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٨٥ الى ٨٧]

وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥) وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (٨٦) وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٧)

كان يقال لشعيب عليه السلام خطيب الأنبياء، لحسن مراجعته قومه وكانوا أهل بخس للمكاييل والموازين قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ معجزة شاهدة بصحة نبوّتى أوجبت عليكم الإيمان بى والأخذ بما آمركم به والانتهاء عما أنهاكم عنه، فأوفوا ولا تبخسوا. فإن قلت:

ما كانت معجزته؟ قلت: قد وقع العلم بأنه كانت له معجزة، لقوله قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ.

ولأنه لا بدّ لمدعي النبوة من معجزة تشهد له وتصدقه، وإلا لم تصح دعواه، وكان متنبئاً لا نبيا غير أنّ معجزته لم تذكر في القرآن كما لم تذكر أكثر معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم فيه. ومن معجزات شعيب عليه السلام: ما روى من محاربة عصى موسى عليه السلام التنين «١» حين دفع إليه غنمه. وولادة الغنم الدرع خاصة حين وعده أن تكون له الدرع من أولادها، ووقوع عصى آدم عليه السلام على يده في المرات السبع، وغير ذلك من الآيات، لأنّ هذه كلها كانت قبل أن يستنبأ موسى عليه السلام، فكانت معجزات لشعيب. فإن قلت: كيف قيل الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وهلا قيل: المكيال والميزان، كما في سورة هود عليه السلام؟ قلت: أريد بالكيل: آلة الكيل وهو المكيال. أو سمى ما يكال به بالكيل، كما قيل: العيش، لما يعاش به. أو أريد: فأوفوا الكيل ووزن الميزان. ويجوز أن يكون الميزان كالميعاد والميلاد بمعنى المصدر، ويقال: بخسته حقه: إذا نقصته إياه. ومنه قيل للمكس البخس. وفي أمثالهم: تحسبها حمقاء وهي باخس. وقيل أَشْياءَهُمْ لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شيء في مبايعاتهم، أو كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوة كما يفعل أمراه الحرمين. وروى أنهم كانوا إذا دخل الغريب بلدهم أخذوا دراهمه الجياد وقالوا هي زيوف فقطعوها قطاعا، ثم أخذوها بنقصان ظاهر أو أعطوه بدلها زيوفا بَعْدَ إِصْلاحِها بعد الإصلاح فيها، أى لا تفسدوا فيها بعد ما أصلح فيها الصالحون من الأنبياء وأتباعهم العاملين بشرائعهم. وإضافته كإضافة قوله بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ بمعنى بل مكركم في الليل والنهار، أو


(١) . قوله «التنين» هو ضرب من الحيات والدرع سود الرؤوس بيض سائر الأبدان اهـ. (ع)