للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو مصدرية، بمعنى: ما يأفكونه أى يقلبونه عن الحق إلى الباطل ويزوّرونه. أو إفكهم، تسمية للمأفوك بالإفك، روى أنها لما تلقفت ملء الوادي من الخشب والحبال ورفعها موسى فرجعت عصى كما كانت، وأعدم الله بقدرته تلك الأجرام العظيمة أو فرّقها أجزاء لطيفة قالت للسحرة: لو كان هذا سحراً لبقيت حبالنا وعصينا فَوَقَعَ الْحَقُّ فحصل وثبت. ومن بدع التفاسير: فوقع قلوبهم، أى فأثر فيها من قولهم. قاس وقيع وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ وصاروا أذلاء مبهوتين وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ وخرّوا سجدا: كأنما ألقاهم ملق لشدّة خرورهم. وقيل: لم يتمالكوا مما رأوا، فكأنهم ألقوا. وعن قتادة: كانوا أول النهار كفاراً سحرة، وفي آخره شهداء بررة. وعن الحسن. تراه ولد في الإسلام ونشأ بين المسلمين يبيع دينه بكذا وكذا، وهؤلاء كفار نشأوا في الكفر، بذلوا أنفسهم لله.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٣ الى ١٢٤]

قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (١٢٣) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (١٢٤)

آمَنْتُمْ بِهِ على الإخبار، أى فعلتم هذا الفعل الشنيع، توبيخا لهم وتقريعاً. وقرئ:

أآمنتم، بحرف الاستفهام، ومعناه الإنكار والاستبعاد إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ إن صنعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم وموسى في مصر قبل أن تخرجوا منها إلى هذه الصحراء قد تواطأتم على ذلك لغرض لكم، وهو أن تخرجوا منها القبط وتسكنوها بنى إسرائيل، وكان هذا الكلام من فرعون تمويها على الناس لئلا يتبعوا السحرة في الإيمان. وروى أن موسى عليه السلام قال للساحر الأكبر: أتؤمن بى إن غلبتك؟ قال لآتين بسحر لا يغلبه سحر.

وإن غلبتني لأومنن بك، وفرعون يسمع، فلذلك قال ما قال فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وعيد أجمله ثم فصله بقوله لَأُقَطِّعَنَّ وقرئ لأقطعن بالتخفيف، وكذلك ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ مِنْ خِلافٍ من كل شق طرفا. وقيل: إن أوّل من قطع من خلاف وصلب لفرعون.

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٢٥ الى ١٢٦]

قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦)

إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ فيه أوجه، أن يريدوا: إنا لا نبالى بالموت لانقلابنا إلى لقاء ربنا ورحمته وخلاصنا منك ومن لقائك. أو ننقلب إلى الله يوم الجزاء فيثيبنا على شدائد