للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدا، وسحقا، ودفرا «١» ، ونحوها، مصادر موضوعة مواضع أفعالها، وهي من جملة المصادر التي قال سيبويه: نصبت بأفعال لا يستعمل إظهارها. ومعنى فَبُعْداً: بعدوا، أى: هلكوا يقال: بعد بعدا وبعدا، نحو رشد رشدا ورشدا. ولِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بيان لمن دعى عليه بالبعد، نحو: هَيْتَ لَكَ. ولِما تُوعَدُونَ.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٢ الى ٤٣]

ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٤٣)

قُرُوناً قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: بنى إسرائيل أَجَلَها الوقت الذي حدّ لهلاكها وكتب.

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٤٤]]

ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (٤٤)

تَتْرا فعلى: الألف للتأنيث، لأنّ الرسل جماعة. وقرئ: تترى، بالتنوين، والتاء بدل من الواو، كما في: تولج، وتيقور «٢» ، أى: متواترين واحدا بعد واحد، من الوتر وهو الفرد: أضاف الرسل إليه تعالى وإلى أممهم وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ لأنّ الإضافة تكون بالملابسة، والرسول ملابس المرسل والمرسل إليه جميعا فَأَتْبَعْنا الأمم أو القرون بَعْضَهُمْ بَعْضاً في الإهلاك وَجَعَلْناهُمْ أخبارا يسمر بها ويتعجب منها. الأحاديث: تكون اسم جمع للحديث. ومنه: أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتكون جمعا للأحدوثة: التي هي مثل الأضحوكة والألعوبة والأعجوبة. وهي: مما يتحدّث به الناس تلهيا وتعجبا، وهو المراد هاهنا.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٤٥ الى ٤٦]

ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦)

فإن قلت: ما المراد بالسلطان المبين؟ قلت: يجوز أن تراد العصا، لأنها كانت أمّ آيات


(١) . قوله «دفرا» في الصحاح «دفرا له» أى: نتنا. (ع)
(٢) . قوله «كما في تولج وتيقور» التولج: كناس الوحش الذي يلج فيه. قال سيبويه: التاء مبدلة من الواو، وهو فوعل، كذا في الصحاح. وفيه أيضا: التيقور، والوقار. وأصله: ويقور، قلبت الواو تاءا اه، فوزنه «فيعول» . (ع) [.....]