تقديره فيمن قرأ وصية بالرفع: ووصية الذين يتوفون، أو وحكم الذين يتوفون وصية لأزواجهم، أو والذين يتوفون أهل وصية لأزواجهم. وفيمن قرأ بالنصب: والذين يتوفون يوصون وصية، كقولك: إنما أنت سير البريد، بإضمار تسير. أو والزم الذين يتوفون وصية. وتدل عليه قراءة عبد اللَّه: كتب عليكم الوصية لأزواجكم متاعا إلى الحول، مكان قوله وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ وقرأ أبىّ: متاع لأزواجهم متاعا. وروى عنه: فمتاع لأزواجهم. ومتاعا نضب بالوصية، إلا إذا أضمرت يوصون، فإنه نصب بالفعل. وعلى قراءة أبىّ متاعا نصب بمتاع، لأنه في معنى التمتيع كقولك: الحمد للَّه حمد الشاكرين، وأعجبنى ضرب لك زيداً ضربا شديداً. وغَيْرَ إِخْراجٍ مصدر مؤكد، كقولك:
هذا القول غير ما تقول. أو بدل من متاعاً. أو حال من الأزواج، أى غير مخرجات. والمعنى أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولا كاملا، أى ينفق عليهنّ من تركته ولا يخرجن من مساكنهن، وكان ذلك في أول الإسلام، ثم نسخت المدة بقوله:(أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) وقيل: نسخ ما زاد منه على هذا المقدار، ونسخت النفقة بالإرث الذي هو الربع والثمن. واختلف في السكنى، فعند أبى حنيفة وأصحابه: لا سكنى لهن فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ من التزين والتعرض للخطاب مِنْ مَعْرُوفٍ مما ليس بمنكر شرعاً. فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدّمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى:(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) مع قوله: (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) .
وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ عم المطلقات بإيجاب المتعة لهن بعد ما أوجبها لواحدة منهن وهي المطلقة غير المدخول بها، وقال حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ كما قال ثمة: حقاً على المحسنين. وعن سعيد بن جبير وأبى العاليه والزهري: أنها واجبة لكل مطلقة. وقيل قد تناولت التمتيع الواجب والمستحب جميعاً. وقيل: المراد بالمتاع نفقة العدة.