للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَتَى تَأْتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فِى دِيَارِنَا … تَجِدْ حَطَباً جَزْلًا وَنَاراً تَأجَّجَا «١»

ومعنى هذا البدل التفصيل لجملة الحساب، لأنّ التفصيل أوضح من المفصل، فهو جار مجرى بدل البعض من الكل أو بدل الاشتمال، كقولك: ضربت زيداً رأسه، وأحب زيداً عقله. وهذا البدل واقع في الأفعال وقوعه في الأسماء لحاجة القبيلين إلى البيان.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٨٥]]

آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥)

وَالْمُؤْمِنُونَ إن عطف على الرسول كان الضمير- الذي التنوين نائب عنه في كل- راجعاً إلى الرسول والمؤمنين، أى كلهم آمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله من المذكورين «٢» . ووقف عليه. وإن كان مبتدأ كان الضمير للمؤمنين. ووحد ضمير كل في آمن على معنى: كل واحد منهم آمن، وكان يجوز أن يجمع، كقوله: (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) . وقرأ ابن عباس: وكتابه، يريد القرآن أو الجنس «٣» وعنه: الكتاب أكثر من الكتب. فإن قلت:

كيف يكون الواحد أكثر من الجمع؟ قلت: لأنه إذا أريد بالواحد الجنس- والجنسية قائمة في وحدان الجنس كلها- لم يخرج منه شيء. فأما الجمع فلا يدخل تحته إلا ما فيه الجنسية من الجموع لا نُفَرِّقُ يقولون لا نفرق. وعن أبى عمرو: يفرق بالياء، على أن الفعل لكل. وقرأ عبد اللَّه:

لا يفرقون. وأَحَدٍ في معنى الجمع، كقوله تعالى: (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) ولذلك دخل عليه بين. سَمِعْنا أجبنا غُفْرانَكَ منصوب بإضمار فعله. يقال: غفرانك لا كفرانك، أى نستغفرك ولا نكفرك. وقرئ (وكتبه ورسله) بالسكون.


(١) . «تلمم» بدل مما قبله، أى متى تنزل عندنا تجدنا موقدين النار بحطب غليظ، وهذا كناية عن كرمهم.
وتأججا: مسند لضمير الحطب والنار، أى اشتعلا، واستدل بهما. وإسناده للنار حقيقى، وللحطب من باب الاسناد للسبب، فهو مجاز عقلى وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز في الاسناد.
(٢) . قوله «ورسله من المذكورين» لعل قبله سقطا تقديره: أى كل من المذكورين. (ع) [.....]
(٣) . قال محمود: «نقل عن ابن عباس أنه قرأ وكتابه … الخ» قال أحمد: وقد قال مالك: إن التمر أحرى باستغراق الجنس من التمور، فان التمر استرسل على الجنس لا بصيغة لفظية، والتمور يرده إلى تخيل الوحدان، ثم الاستغراق بعده بصيغة الجمع وفي صيغة الجمع مضطرب. وهذا الكلام من الامام لو ظفر له بقول ابن عباس هذا لأشهر الفرضية في الاستشهاد به على صحة مقالته هذه فلا نعيده.