فظن أنهم يريدون به سوءا. وعن ابن عباس: وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب. وعن عون بن شداد: مسح جبريل العجل بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمّه بِغُلامٍ عَلِيمٍ أى يبلغ ويعلم. وعن الحسن: عليم: نبىّ، والمبشر به إسحاق، وهو أكثر الأقاويل وأصحها، لأن الصفة صفة سارّة لا هاجر، وهي امرأة إبراهيم وهو بعلها. وعن مجاهد: هو إسماعيل فِي صَرَّةٍ في صيحة، من: صر الجندب، وصرّ القلم والباب، ومحله النصب على الحال، أى: فجاءت صارّة. قال الحسن: أقبلت إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم، لأنها وجدت حرارة الدم فلطمت وجهها من الحياء، وقيل: فأخذت في صرة، كما تقول: أقبل يشتمني.
وقيل: صرتها قولها: أوه. وقيل: يا ويلتا. وعن عكرمة: رنتها «١» فَصَكَّتْ فلطمت ببسط يديها. وقيل: فضربت بأطراف أصابعها جبهتها فعل المتعجب عَجُوزٌ أنا عجوز، فكيف ألد كَذلِكَ مثل ذلك الذي قلنا وأخبرنا به قالَ رَبُّكِ أى إنما نخبرك عن الله، والله قادر على ما تستبعدين. وروى أنّ جبريل قال لها: انظري إلى سقف بيتك، فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة.
لما علم أنهم ملائكة وأنهم لا ينزلون إلا بإذن الله رسلا في بعض الأمور قالَ فَما خَطْبُكُمْ أى: فما شأنكم وما طلبكم إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إلى قوم لوط حِجارَةً مِنْ طِينٍ يريد: السجيل، وهو طين طبخ كما يطبخ الآجر، حتى صار في صلابة الحجارة مُسَوَّمَةً معلمة، من السومة وهي العلامة على كل واحد منها اسم من يهلك به. وقيل: أعلمت بأنها من حجارة العذاب.
وقيل: بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا. سماهم مسرفين، كما سماهم عادين، لإسرافهم وعدوانهم في عملهم: حيث لم يقنعوا بما أبيح لهم. الضمير في فِيها للقرية، ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة. وفيه دليل على أنّ الإيمان والإسلام واحد، وأنهما صفتا مدح. قيل:
هم لوط وابنتاه. وقيل: كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر. وعن قتادة: لو كان فيها
(١) . قوله «رنتها» في الصحاح «الرنة» الصوت:، يقال: رفت المرأة رنينا وأرنت أيضا: صاحت. (ع)