للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو لتأنيث الكفارة. والمعنى إِذا حَلَفْتُمْ وحنثتم. فترك ذكر الحنث لوقوع العلم بأنّ الكفارة إنما تجب بالحنث في الحلف، لا بنفس الحلف، والتكفير قبل الحنث لا يجوز عند أبى حنيفة وأصحابه ويجوز عند الشافعي بالمال إذا لم يعص الحانث وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ فبروا فيها ولا تحنثوا «١» أراد الأيمان التي الحنث فيها معصية، لأن الأيمان اسم جنس يجوز إطلاقه على بعض الجنس وعلى كله. وقيل: احفظوها بأن تكفروها. وقيل: احفظوها كيف حلفتم بها، ولا تنسوها تهاونا بها كَذلِكَ مثل ذلك البيان يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ أعلام شريعته وأحكامه لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته فيما يعلمكم ويسهل عليكم المخرج منه

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٠ الى ٩١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)

أكد تحريم الخمر والميسر وجوها من التأكيد «٢» منها تصدير الجملة بإنما، ومنها أنه قرنهما بعبادة الأصنام، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «شارب الخمر كعابد الوثن» «٣» ومنها أنه


(١) . عاد كلامه. قال: «واحفظوا أيمانكم، أى فبروا فيها … الخ» قال أحمد: وفي هذا التأويل إشعار بأن الشاك في صورة اليمين بعد تحقق أصلها يشدد عليه ويؤاخذ بالأحوط، فأرشده اللَّه إلى حفظ اليمين لئلا يفضى أمره إلى أن يلزم في ظاهر الأمر على وجه الاحتياط ما لم يصدر منه في علم اللَّه تعالى، كالذي يحلف بالطلاق وينسى هل قيده بالثلاث مثلا أو أطلقه، فيلزمه الثلاث على المذهب المشهور. ويحتمل أن يكون في علم اللَّه تعالى أنه إنما حلف بالطلاق مطلقا، فأرشد إلى الحفظ لئلا يجره النسيان إلى هذا التشديد. والمراد بالأيمان كل ما ينطلق عليه يمين، سواء كان حلفا باللَّه أو بغيره مما يلزم في الشرع حكما واللَّه أعلم.
(٢) . قال محمود: «أكد اللَّه تحريم الخمر والميسر وجوها من التأكيد منها … الخ» قال أحمد: ويجوز عود الضمير إلى الرجس الذي انطوى على سائر ما ذكر واللَّه أعلم.
(٣) . أخرجه البزار من حديث مجاهد عن عبد اللَّه بن عمرو بهذا. رواه الحرث بن أسامة وأبو نعيم في الحلية من رواية الحسن عن عبد اللَّه بن عمرو به. وفيه الخليل بن زكريا وفي الذي قبله ثابت بن محمد وهو أصلح حالا من الخليل. ولابن ماجة من حديث أبى هريرة، بلفظ «مدمن خمر كعابد وثن» وإسناده جيد، قال: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا محمد بن سليمان الأصبهانى عن سهيل عن أبيه عنه به. ورواه ابن حبان من حديث ابن عباس بهذا اللفظ. وقال الشبه أن يكون فيمن استحلها. وفي مسند إسحاق ومن رواية عمر بن عبد العزيز عن بعض أصحابه، بلفظ «من شرب الخمر فمات مات كعابد وثن» وللطبراني في الأوسط من حديث أنس بلفظ «المقيم على الخمر كعابد وثن» وإسناده ضعيف