(٢) . قال محمود: «وقال ما في يمينك ولم يقل عصاك … الخ» قال أحمد: وإنما المقصود بتحقيرها في جنب القدرة تحقير كيد السحرة بطريق الأولى لأنها إذا كانت أعظم منه وهي حقيرة في جانب قدرة الله تعالى، فما الظن بكيدهم وقد تلقفته هذه الحقيرة الضئيلة؟ ولأصحاب البلاغة طريق في علو المدح بتعظيم جيش عدو الممدوح، ليلزم من ذلك تعظيم جيش الممدوح وقد قهره واستولى عليه، فصغر الله أمر العصا ليلزم منه تصغير كيد السحرة الداحض بها في طرفة عين. (٣) . عاد كلامه. قال محمود: «ويجوز أن يكون تعظيما لأمرها إذ فيه تثبيت لقلب موسى على النصر» قال أحمد: وهاهنا لطيفة: وهو أنه تلقى من هذا النظم أو لا قصد التحقير، وثانيا قصد التعظيم، فلا بد من نكتة تناسب الأمرين وتلك- والله أعلم- هي إرادة المذكور مبهما، لأن ما في يمينك أبهم من عصاك. وللعرب مذهب في التنكير والإبهام والإجمال، تسلكه مرة لتحقير شأن ما أبهمته وأنه عند الناطق به أهون من أن يخصه ويوضحه، ومرة لتعظيم شأنه وليؤذن أنه من عناية المتكلم والسامع بمكان يعنى فيه الرمز والاشارة، فهذا هو الوجه في إسعاده بهما جميعا. وعندي في الآية وجه سوى قصد لتعظيم والتحقير والله أعلم، وهو أن موسى عليه السلام أول ما علم أن العصا آية من الله تعالى عند ما سأله عنها بقوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى ثم أظهر له تعالى آيتها، فلما دخل وقت الحاجة إلى ظهور الآية منها قال تعالى وألق ما في يمينك ليتيقظ بهذه الصيغة للوقت الذي قال الله تعالى له وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ وقد أظهر له آيتها، فيكون ذلك تنبيها له وتأنيسا حيث خوطب بما عهد أن يخاطب به وقت ظهور آيتها، وذلك مقام يناسب التأنيس والتثبيت. ألا ترى إلى قوله تعالى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى، والله سبحانه وتعالى أعلم. (٤) . قوله «وقرئ تلقف بالتخفيف» عبارة النسفي: تلقف بسكون اللام والفاء وتخفيف القاف: حفص. وتلقف: ابن ذكوان. الباقون تلقف، فليحرر. (ع)