بعضه بساتر أو يحدث في عيونهم ما يستقلون به الكثير، كما أحدث في أعين الحول ما يرون به الواحد اثنين. قيل لبعضهم: إن الأحول يرى الوحد اثنين، وكان بين يديه ديك واحد فقال:
إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً إذا حاربتم جماعة من الكفار، وترك أن يصفها لأن المؤمنين ما كانوا يلقون إلا الكفار. واللقاء اسم للقتال غالب فَاثْبُتُوا لقتالهم ولا تفرّوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً في مواطن الحرب مستظهرين بذكره، مستنصرين به، داعين له على عدوكم: اللهم اخذلهم، اللهم اقطع دابرهم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لعلكم تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة. وفيه إشعار بأنّ على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه أشغل ما يكون قلباً وأكثر ما يكون هما، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك وإن كانت متوزعة عن غيره. وناهيك بما في خطب أمير المؤمنين عليه السلام في أيام صفين وفي مشاهده مع البغاة والخوارج- من البلاغة والبيان ولطائف المعاني وبليغات المواعظ والنصائح- دليلا على أنهم كانوا لا يشغلهم عن ذكر الله شاغل وإن تفاقهم الأمر وَلا تَنازَعُوا قرئ بتشديد التاء فَتَفْشَلُوا منصوب بإضمار أن، أو مجزوم لدخوله في حكم النهى، وتدل على التقديرين قراءة من قرأ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ بالتاء والنصب، وقراءة من قرأ: ويذهب ريحكم، بالياء والجزم. والريح: الدولة، شبهت في نفوذ أمرها وتمشيه بالريح وهبوبها، فقيل:
هبت رياح فلان إذا دالت له الدولة ونفذ أمره. ومنه قوله:
(١) . لسليك بن سلكة، مر مع صاحبيه بجوف مراد واد باليمن فوجدوا إبلا قد ملأته، فقال لهما: أتنظراني هنا حتى آتى الرعاء فأعلم خبر الحي أقريب أم بعيد، فلم يزل يلاطفهم حتى أخبروه بمكان الحي، فإذا هم بعيد، فقال لهم: ألا أغنيكم؟ قالوا: بلى، فتغنى بأعلى صوته بالبيتين، فأتاه صاحباه فاستاقوا الإبل. وآم بالمد. قيل: جمع إماء جمع أمة. وقيل: هو أيضا جمع أمة، فأصله أأمو كأذرع جمع ذراع. وعلى الثاني أأمو أيضا، كآكم جمع أكمة، لأن أمة أصله أموة، فأبدلت الهمزة الثانية في الجمع ألفا وقلبت الواو ياء لتطرفها. والهمزة كسرة لمناسبتها، ثم أعل إعلال قاض. وروى بدله «قعود» والذود من الإبل: من ثلاثة إلى عشرة. وأ تنظران، من أنظرته إذا أخرته. والريث: التأخر والتواني، وهو نصب على البدلية من قليلا. أو على الظرفية. ويجوز قراءة «أتنظران» من نظره إذا انتظره. فريث. يجوز أنه مفعول به. و «وتعدوان» من العدو، وهو السرعة السير، أو من العدوان، وهو تعدى الحد. واستعار الريح الدولة والأمر النافذ بجامع النفوذ من كل. ويروى «تغدوان» و «للغادى» بالغين المعجمة: أى أم تسرعان إلى، فان الظفر للمسرع. وفيه دلالة على أن السرعة أرجح من التأخر. [.....]