للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبعد منه، واللوح مثله ما يُمْسِكُهُنَّ في قبضهن وبسطهن ووقوفهن إِلَّا اللَّهُ بقدرته.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٨٠]]

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٨٠)

مِنْ بُيُوتِكُمْ التي تسكنونها من الحجر والمدر والأخبية وغيرها. والسكن: فعل بمعنى مفعول، وهو ما يسكن إليه وينقطع إليه من بيت أو إلف بُيُوتاً هي القباب والأبنية من الأدم والأنطاع تَسْتَخِفُّونَها ترونها خفيفة المحمل في الضرب والنقض والنقل يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ أى يوم ترحلون خف عليكم حملها ونقلها «١» ، ويوم تنزلون وتقيمون في مكان لم يثقل عليكم ضربها. أو هي خفيفة عليكم في أوقات السفر والحضر جميعاً، على أنّ اليوم بمعنى الوقت وَمَتاعاً وشيئاً ينتفع به إِلى حِينٍ إلى أن تقضوا منه أوطاركم. أو إلى أن يبلى ويفنى، أو إلى أن تموتوا. وقرئ: يوم ظعنكم، بالسكون.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٨١]]

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١)

مِمَّا خَلَقَ من الشجر وسائر المستظلات أَكْناناً جمع كنّ، وهو ما يستكنّ به من البيوت المنحوتة في الجبال والغيران والكهوف سَرابِيلَ هي القمصان والثياب من الصوف والكتان «٢» والقطن وغيرها تَقِيكُمُ الْحَرَّ لم يذكر البرد، لأنّ الوقاية من الحرّ أهمّ عندهم، وقلما يهمهم البرد لكونه يسيراً محتملا. وقيل: ما يقي من الحرّ يقي من البرد «٣» فدل ذكر الحرّ


(١) . قال محمود: «المراد يخف عليكم حملها ونقلها … الخ» قال أحمد: والتفسير الأول أولى، لأن ظهور المنة في خفتها إنما يتحقق في حال السفر. وأما المستوطن فغير مثقل، وما أحسن قول الزمخشري في يوم إقامتكم:
أن المراد خفة ضربها وسهولة ذلك عليهم، والله أعلم.
(٢) . قال محمود: «هي القمصان والثياب من الصوف والكتان وغيرها … الخ» قال أحمد: يعنى عند العرب وخصوصا قطان الحجاز، وهم الأصل في هذا الخطاب.
(٣) . عاد كلامه. قال: «وقيل إن ما بقي الحر بقي البرد فدل ذكره عليه» قال أحمد: والأول أظهر. ألا ترى إلى تقديم المنة بالظلال التي تقى من الضحا، في قوله تعالى جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا فدل على أن الأهم عند المخاطبين وقاية الحر، فامتن الله عليهم بأعظم نعمه موقعا عندهم. وقول القائل «إن ما يقي الحر يقي البرد» مشهود عليه بالعرف، فان الذي يتقى به الحر من القمصان رقيقها ورفيعها، وليس ذلك من البوس البرد، بل لو لبس الإنسان في كل واحد من الفصلين- القيظ والبرد- لباس الآخر، يعد من الثقلاء.