فَلا تَقْعُدْ معهم بَعْدَ الذِّكْرى بعد أن تذكر النهى. وقرئ: ينسينك. بالتشديد.
ويجوز أن يراد: وإن كان الشيطان ينسينك قبل النهى «١» قبح مجالسة المستهزئين لأنها مما تنكره العقول فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه معهم وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم وَلكِنْ عليهم أن يذكروهم ذِكْرى إذا سمعوهم يخوضون، بالقيام عنهم، وإظهار الكراهة لهم، وموعظتهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ لعلهم يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم. ويجوز أن يكون الضمير للذين يتقون، أى يذكرونهم إرادة أن يثبتوا على تقواهم ويزدادوها. وروى أن المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كلما استهزؤا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف، فرخص لهم. فإن قلت: ما محل ذِكْرى؟ قلت: يجوز أن يكون نصباً على: ولكن يذكرونهم ذكرى، أى تذكيراً. ورفعا على: ولكن عليهم ذكرى.
ولا يجوز أن يكون عطفاً على محل مِنْ شَيْءٍ، كقولك: ما في الدار من أحد ولكن زيد، لأنّ قوله مِنْ حِسابِهِمْ يأبى ذلك.
اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً أى دينهم الذي كان يجب أن يأخذوا به لعباً ولهواً. وذلك أن عبدة الأصنام وما كانوا عليه من تحريم البحائر والسوائب وغير ذلك، من باب اللعب واللهو واتباع هوى النفس والعمل بالشهوة، ومن جنس الهزل دون الجد. واتخذوا ما هو لعب ولهو من عبادة الأصنام وغيرها ديناً لهم. أو اتخذوا دينهم الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين
(١). قوله «كان الشيطان ينسينك قبل النهى» بناء على أن هناك حكما قبل الشرع وهو مذهب المعتزلة، ولا حكم قبل الشرع عند أهل السنة. (ع)