مسكا وورقا وحريراً، فابتاعه قطفير بذلك المبلغ أَكْرِمِي مَثْواهُ اجعلي منزله ومقامه عندنا كريماً، أى حسناً مرضياً، بدليل قوله إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ والمراد تفقديه بالإحسان وتعهديه بحسن الملكة، حتى تكون نفسه طيبة في صحبتنا، ساكنة في كنفنا. ويقال للرجل: كيف أبو مثواك وأم مثواك لمن ينزل به من رجل أو امرأة، يراد: هل تطيب نفسك بثوائك عنده، وهل يراعى حق نزولك به. واللام في لِامْرَأَتِهِ متعلقة بقال، لا باشتراه عَسى أَنْ يَنْفَعَنا لعله إذا تدرّب وراض الأمور وفهم مجاريها، نستظهر به على بعض ما نحن بسبيله، فينفعنا فيه بكفايته وأمانته. أو نتبناه ونقيمه مقام الولد، وكان قطفير عقيما لا يولد له، وقد تفرس فيه الرشد فقال ذلك. وقيل: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف، فقال لامرأته أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا والمرأة التي أتت موسى وقالت لأبيها يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ وأبو بكر حين استخلف عمر رضى الله عنهما. وروى أنه سأله عن نفسه، فأخبره بنسبه فعرفه وَكَذلِكَ الإشارة إلى ما تقدّم من إنجائه وعطف قلب العزيز عليه، والكاف منصوب تقديره: ومثل ذلك الإنجاء والعطف مَكَّنَّا له، أى: كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز، كذلك مكنا له في أرض مصر وجعلناه ملكا يتصرف فيها بأمره ونهيه وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ كان ذلك الإنجاء والتمكين لأنّ غرضنا ليس إلا ما تحمد عاقبته من علم وعمل وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ على أمر نفسه: لا يمنع عما يشاء ولا ينازع ما يريد ويقضى. أو على أمر يوسف يدبره لا يكله إلى غيره، قد أراد إخوته به ما أرادوا، ولم يكن إلا ما أراد الله ودبره وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أن الأمر كله بيد الله.
قيل في الأشدّ: ثماني عشرة، وعشرون، وثلاث وثلاثون، وأربعون. وقيل: أقصاه ثنتان وستون حُكْماً حكمة وهو العلم بالعمل واجتناب ما يجهل فيه. وقيل: حكما بين الناس وفقها وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ تنبيه على أنه كان محسناً في عمله، متقياً في عنفوان أمره، وأنّ الله آتاه الحكم والعلم جزاء على إحسانه. وعن الحسن: من أحسن عبادة ربه في شبيبته آتاه الله الحكمة في اكتهاله.