فلا يقيك منه واق، وهذا من باب الإلهاب والتهييج، والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب فيه، وأن لا يزلّ زالّ عند الشبهة بعد استمساكه بالحجة، وإلا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدّة الشكيمة بمكان.
كانوا يعيبونه بالزواج والولاد، كما كانوا يقولون: ما لهذا الرسول يأكل الطعام، وكانوا يقترحون عليه الآيات، وينكرون النسخ. فقيل: كان الرسل قبله بشراً مثله ذوى أزواج وذرية. وما كان لهم أن يأتوا بآيات برأيهم ولا يأتون بما يقترح عليهم، والشرائع مصالح تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، فلكل وقت حكم يكتب على العباد، أى: يفرض عليهم على ما يقتضيه استصلاحهم يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ ينسخ ما يستصوب نسخه، ويثبت بدله ما يرى المصلحة في إثباته، أو يتركه غير منسوخ، وقيل: يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة، لأنهم مأمورون بكتبة كل قول وفعل وَيُثْبِتُ عيره. وقيل. يمحو كفر التائبين ومعاصيهم بالتوبة، ويثبت إيمانهم وطاعتهم. وقيل: يمحو بعض الخلائق ويثبت بعضاً من الأناسى وسائر الحيوان والنبات والأشجار وصفاتها وأحوالها، والكلام في نحو هذا واسع المجال وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أصل كل كتاب وهو اللوح المحفوظ، لأنّ كل كائن مكتوب فيه. وقرئ: ويثبت.
وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ وكيفما دارت الحال أريناك مصارعهم وما وعدناهم من إنزال العذاب عليهم. أو توفيناك قبل ذلك، فما يجب عليك إلا تبليغ الرسالة فحسب، وعلينا لا عليك حسابهم وجزاؤهم على أعمالهم، فلا يهمنك إعراضهم، ولا تستعجل بعذابهم.