وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر. فإن قلت: ما معنى مِنْهُ في قوله جَمِيعاً مِنْهُ وما موقعها من الإعراب، قلت: هي واقعة موقع الحال، والمعنى: أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده، يعنى: أنه مكوّنها وموجدها بقدرته وحكمته، ثم مسخرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، تقديره: هي جميعا منه، وأن يكون وَسَخَّرَ لَكُمْ تأكيدا لقوله تعالى سَخَّرَ لَكُمْ ثم ابتدئ قوله: ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ وأن يكون ما فِي الْأَرْضِ مبتدأ، ومِنْهُ خبره. وقرأ ابن عباس رضى الله عنهما: منة، وقرأ سلمة بن محارب: منه، على أن يكون منه فاعل سخر على الإسناد المجازى. أو على أنه خبر مبتدإ محذوف، أى: ذلك.
حذف المقول لأنّ الجواب دال عليه. والمعنى: قل لهم اغفروا يغفروا لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، من قولهم لوقائع العرب: أيام العرب. وقيل: لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها. قيل: نزلت قبل آية القتال، ثم نسخ حكمها. وقيل: نزولها في عمر رضى الله عنه- وقد شتمه رجل من غفار فهمّ أن يبطش به.
وعن سعيد بن المسيب: كنا بين يدي عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقرأ قارئ هذه الآية، فقال عمر: ليجزي عمر بما صنع لِيَجْزِيَ تعليل الأمر بالمغفرة، أى: إنما أمروا بأن يغفروا لما أراده الله من توفيتهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة. فإن قلت: قوله قَوْماً ما وجه تنكيره وإنما أراد الذين آمنوا وهم معارف؟ قلت: هو مدح لهم وثناء عليهم، كأنه قيل. ليجزي أيما قوم وقوما «١» مخصوصين، لصبرهم وإغضائهم على أذى أعدائهم من الكفار، وعلى ما كانوا