للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرِيقاً هَدى وهم الذين أسلموا، أى وفقهم للإيمان وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ أى كلمة الضلالة، وعلم الله أنهم يضلون ولا يهتدون. وانتصاب قوله وَفَرِيقاً بفعل مضمر يفسره ما بعده، كأنه قيل: وخذل فريقا حق عليهم الضلالة إِنَّهُمُ إنّ الفريق الذي حقّ عليهم الضلالة اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ أى تولوهم بالطاعة فيما أمروهم به، وهذا دليل على أن علم الله لا أثر له في ضلالهم، وأنهم هم الضالون باختيارهم وتوليهم الشياطين دون الله.

[[سورة الأعراف (٧) : آية ٣١]]

يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)

خُذُوا زِينَتَكُمْ أى ريشكم ولباس زينتكم عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ كلما صليتم أو طفتم، وكانوا يطوفون عراة. وعن طاوس، لم يأمرهم بالحرير والديباج، وإنما كان أحدكم يطوف عريانا ويدع ثيابه وراء المسجد، وإن طاف وهي عليه ضرب وانتزعت عنه، لأنهم قالوا:

لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها: وقيل: تفاؤلا ليتعروا من الذنوب كما تعروا من الثياب.

وقيل: الزينة المشط. وقيل: الطيب. والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئته للصلاة، وكان بنو عامر في أيام حجهم لا يأكلون الطعام إلا قوتاً، ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم فقال المسلمون: فإنا أحق أن نفعل، فقيل لهم: كلوا واشربوا ولا تسرفوا. وعن ابن عباس رضى الله عنه: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة «١» ويحكى أنّ الرشيد كان له طبيب نصراني «٢» حاذق، فقال لعلى بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء. والعلم علمان، علم الأبدان وعلم الأديان، فقال له: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه. قال: وما هي؟ قال: قوله تعالى وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا فقال النصراني: ولا يؤثر من رسولكم شيء في الطب؟ فقال: قد جمع رسولنا صلى الله عليه وسلم الطب في ألفاظ يسيرة. قال: وما هي؟ قال قوله «المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء «٣» وأعط


(١) . أخرجه ابن أبى شيبة حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عطاء وطاوس عنه بهذا، لكن قال «خلتان» . وروى النسائي وابن ماجة وأحمد والحاكم من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم تخالطوا إسرافا ولا مخيلة» .
(٢) . لم أجد لها- أى حكاية الرشيد- إسنادا.
(٣) . لم أجده، وروى العقيلي في الضعفاء من رواية إبراهيم بن جريج الرهاوي عن زيد ابن أبى أنيسة عن الزهري عن أبى سلمة عن أبى هريرة- رفعه «المعدة حوض البدن. والعروق إليها واردة: فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم» وقال: حديث باطل لا أصل له. وقال الدارقطني لا يصح ولا يعرف من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لسند إبراهيم بن جريج غير هذا وكان طبيبا، فجعل له إسنادا.