للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبايعة: دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده، ثم غمسن أيديهن «١» . وقيل صافحهن وكان على يده ثوب قطري «٢» . وقيل كان عمر يصافحهن عنه «٣»

[[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٣]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)

روى أنّ بعض فقراء المسلمين كانوا يواصلون اليهود ليصيبوا من ثمارهم «٤» . فقيل لهم لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً مغضوبا عليهم قَدْ يَئِسُوا من أن يكون لهم حظ في الآخرة لعنادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون أنه الرسول المنعوت في التوراة كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ من موتاهم أن يبعثوا ويرجعوا أحياء. وقيل مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ بيان للكفار، أى: كما يئس الكفار الذين قبروا من خير الآخرة، لأنهم تبينوا قبح حالهم وسوء منقلبهم.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الممتحنة كان له المؤمنون والمؤمنات شفعاء يوم القيامة «٥» ..


(١) . أخرجه ابن سعد عن الواقدي عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب نحوه، وله شاهد في الطبراني عن عروة بن مسعود، وآخر في تاريخ أصبهان لأبى نعيم في حرف الحاء من حديث أسماء بنت يزيد.
(٢) . رواه أبو داود في المراسيل عن الشعبي «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده. وقال: لا أصافح النساء» وروى عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن إبراهيم النخعي قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافح النساء على يده ثوب قطري» .
(٣) . أخرجه ابن حبان والطبراني والبزار وأبو يعلى والطبري وغيرهم من حديث أم عطية قالت «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر نساء الأنصار فجمعهن في بيت ثم أرسل إليهن عمر. فجاء عمر فسلم- فذكر القصة- وفيها: ثم مد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت.
(٤) . قال محمود «كان طائفة من ضعفاء المسلمين قد والوا اليهود ليصيبوا من أثمارهم، فنزلت هذه الآية، والمراد بالكفار المشركون … الخ» قال أحمد: قد كان الزمخشري ذكر في قوله وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ إلى قوله وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا أن آخر الآية استطراد، وهو فن من فنون البيان مبوب عليه عند أهله، وآية الممتحنة هذه ممكنة أن تكون من هذا الفن جدا، فانه ذم اليهود واستطرد ذمهم بذم المشركين على نوع حسن من النسبة، وهذا لا يمكن أن يوجد للفصحاء في الاستطراد أحسن ولا أمكن منه، ومما صدروا هذا الفن به قوله:
إذا ما اتقى الله الفتى وأطاعه … فليس به بأس وإن كان من جرم
وقوله: إن كنت كاذبة التي حدثتني … فنجوت منجى الحرث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم … ونجا برأس طمرة ولجام
(٥) . أخرجه الثعلبي وابن مردويه والواحدي بأسانيدهم إلى أبى بن كعب رضى الله عنه.