حافظون في كافة الأحوال، إلا في حال تزوّجهم أو تسريهم، أو تعلق عَلى بمحذوف يدل عليه غَيْرُ مَلُومِينَ كأنه قيل: يلامون إلا على أزواجهم، أى: يلامون على كل مباشر إلا على ما أطلق لهم، فإنهم غير ملومين عليه. أو تجعله صلة لحافظين، من قولك: احفظ علىّ عنان فرسي، على تضمينه معنى النفي، كما ضمن قولهم: نشدتك بالله إلا فعلت معنى ما طلبت منك إلا فعلك. فإن قلت هلا قيل: من ملكت؟ قلت: لأنه أريد من جنس العقلاء ما يجرى مجرى غير العقلاء وهم الإناث جعل المستثنى حدا أوجب الوقوف عنده، ثم قال: فمن أحدث ابتغاء وراء هذا الحدّ مع فسحته واتساعه، وهو إباحة أربع من الحرائر، ومن الإماء ما شئت فَأُولئِكَ هُمُ الكاملون في العدوان المتناهون فيه. فإن قلت: هل فيه دليل على تحريم المتعة؟ قلت: لا، لأنّ المنكوحة نكاح المتعة من جملة الأزواج إذا صحّ النكاح.
وقرئ: لأمانتهم. سمى الشيء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهدا. ومنه قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وقال وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وإنما تؤدّى العيون لا المعاني، ويخان المؤتمن عليه، لا الأمانة في نفسها. والراعي: القائم على الشيء بحفظ وإصلاح كراعى الغنم وراعى الرعية. ويقال: من راعى هذا الشيء؟ أى متوليه وصاحبه: ويحتمل العموم في كل ما ائتمنوا عليه وعوهدوا من جهة الله تعالى ومن جهة الخلق، والخصوص فيما حملوه من أمانات الناس وعهودهم.
وقرئ عَلى صَلَواتِهِمْ. فإن قلت: كيف كرّر ذكر الصلاة أوّلا وآخرا؟ قلت: هما ذكران مختلفان فليس بتكرير. وصفوا أوّلا بالخشوع في صلاتهم، وآخرا بالمحافظة عليها. وذلك أن لا يسهوا عنها، ويؤدّوها في أوقاتها، ويقيموا أركانها، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتمّ به أوصافها. وأيضا فقد وحدت أوّلا ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أىّ صلاة كانت، وجمعت آخرا لتفاد المحافظة على أعدادها: وهي الصلوات الخمس، والوتر، والسنن المرتبة مع كل صلاة وصلاة الجمعة، والعيدين والجنازة، والاستسقاء، والكسوف والخسوف، وصلاة الضحى، والتهجد وصلاة التسبيح، وصلاة الحاجة، وغيرها من النوافل.