للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحريض: المبالغة في الحث على الأمر من الحرض، وهو أن ينهكه المرض ويتبالغ فيه حتى يشفى على الموت، أو أن تسميه حرضا: وتقول له: ما أراك إلا حرضاً في هذا الأمر وممرضاً فيه، ليهيجه ويحرّك منه. ويقال: حركه وحرضه وحرصه وحرشه وحربه، بمعنى، وقرئ حرص، بالصاد غير المعجمة، حكاها الأخفش، من الحرص، وهذه عدة من الله وبشارة بأن الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفار بعون الله تعالى وتأييده، ثم قال بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ أى بسبب أنَّ الكفار قوم جهلة يقاتلون على غير احتساب وطلب ثواب كالبهائم، فيقل ثباتهم ويعدمون لجهلهم بالله نصرته ويستحقون خذلانه، خلاف من يقاتل على بصيرة ومعه ما يستوجب به النصر والإظهار من الله تعالى. وعن ابن جريج كان عليهم أن لا يفروا ويثبت الواحد منهم للعشرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حمزة رضى الله عنه في ثلاثين راكباً، فلقى أبا جهل في ثلاثمائة راكب. قيل: ثم ثقل عليهم ذلك وضجوا منه، وذلك بعد مدّة طويلة، فنسخ وخفف عنهم بمقاومة الواحد الاثنين، وقيل: كان فيهم قلة في الابتداء، ثم لما كثروا بعد نزل التخفيف. وقرئ: ضعفاً، بالفتح والضم، كالمكث والمكث، والفقر والفقر. وضعفاً: جمع ضعيف. وقرئ الفعل المسند إلى المائة بالتاء والياء في الموضعين، والمراد بالضعف: الضعف في البدن. وقيل: في البصيرة والاستقامة في الدين، وكانوا متفاوتين في ذلك فإن قلت: لم كرّر المعنى الواحد وهو مقاومة الجماعة لأكثر منها مرّتين قبل التخفيف وبعده؟ قلت: للدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحدة لا تتفاوت، لأن الحال قد تتفاوت بين مقاومة العشرين المائتين والمائة الألف، وكذلك بين مقاومة المائة المائتين والألف الألفين.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٦٧ الى ٦٨]

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨)

وقرئ: للنبي، على التعريف. وأسارى. ويثخن، بالتشديد. ومعنى الإثخان: كثرة القتل والمبالغة فيه، من قولهم: أثخنته الجراحات إذا أثبتته حتى تثقل عليه الحركة. وأثخنه المرض إذا أثقله من الثخانة التي هي الغلظ والكثافة، يعنى حتى يذل الكفر ويضعفه بإشاعة القتل