للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخر كلام يتكلمون به، ثم لا كلام بعد ذلك إلا الشهيق والزفير والعواء كعواء الكلاب لا يفهمون ولا يفهمون. وعن ابن عباس: إنّ لهم ست دعوات: إذا دخلوا النار قالوا ألف سنة: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فيجابون: حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي، فينادون ألفا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ، فيجابون: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ، فينادون ألفا: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ، فيجابون: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ:

فينادون ألفا: رَبَّنا أَخِّرْنا، فيجابون: أَوَلَمْ تَكُونُوا، فينادون ألفا: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً، فيجابون: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ، فينادون ألفا: رَبِّ ارْجِعُونِ، فيجابون: اخْسَؤُا فِيها.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٠٩ الى ١١١]

إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (١١١)

في حرف أبىّ: أنه كان فريق، بالفتح، بمعنى: لأنه.

السخرىّ- بالضم والكسر-: مصدر سخر كالسخر، إلا أن في ياء النسب زيادة قوّة في الفعل، كما قيل الخصوصية في الخصوص. وعن الكسائي والفراء: أنّ المكسور من الهزء، والمضموم من السخرة والعبودية، أى: تسخروهم واستعبدوهم، والأوّل مذهب الخليل وسيبويه. قيل: هم الصحابة وقيل أهل الصفة خاصة. ومعناه: اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتم بهم ساخرين حَتَّى أَنْسَوْكُمْ بتشاغلكم بهم على تلك الصفة ذِكْرِي فتركتموه، أى: تركتم أن تذكرونى فتخافونى في أوليائى. وقرئ أَنَّهُمْ بالفتح، فالكسر استئناف، أى: قد فازوا حيث صبروا، فجزوا بصبرهم أحسن الجزاء. وبالفتح على أنه مفعول جزيتهم، كقولك: جزيتهم فوزهم.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٢ الى ١١٤]

قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)

قالَ في مصاحف أهل الكوفة. وقل: في مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام، ففي قالَ ضمير الله أو المأمور بسؤالهم من الملائكة، وفي «قل» ضمير الملك أو بعض رؤساء أهل النار.

استقصروا مدّة لبثهم في الدنيا بالإضافة إلى خلودهم ولما هم فيه من عذابها، لأن الممتحن يستطيل أيام محنته ويستقصر ما مرّ عليه من أيام الدعة إليها. أو لأنهم كانوا في سرور، وأيام السرور قصار، أو لأنّ المنقضى في حكم ما لم يكن، وصدقهم الله في مقالهم لسنى لبثهم في الدنيا ووبخهم