للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينبأ أحد بعده، وعيسى ممن نبئ قبله، وحين ينزل ينزل عاملا على شريعة محمد، مصليا إلى قبلته، كأنه بعض أمّته.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٤١ الى ٤٢]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢)

اذْكُرُوا اللَّهَ أثنوا عليه بضروب الثناء من التقديس والتحميد والتهليل والتكبير وما هو أهله، وأكثروا ذلك بُكْرَةً وَأَصِيلًا أى في كافة الأوقات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ذكر الله على فم كل مسلم «١» . وروى في قلب كل مسلم. وعن قتادة: قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلىّ العظيم، وعن مجاهد: هذه كلمات يقولها الطاهر والجنب. والفعلان، أعنى اذكروا وسبحوا موجهان إلى البكرة والأصيل، كقولك: صم وصلّ يوم الجمعة، والتسبيح من جملة الذكر، وإنما اختصه من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة، ليبين فضله على سائر الأذكار، لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال، وتبرئته من القبائح. ومثال فضله على غيره من الأذكار فضل وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي، والطهر من أرجاس المآثم، على سائر أوصافه من كثرة الصلاة والصيام، والتوفر على الطاعات كلها، والاشتمال على العلوم، والاشتهار بالفضائل. ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره: تكثير الطاعات، والإقبال على العبادات، فان كل طاعة وكل خير من جملة الذكر، ثم خص من ذلك التسبيح بكرة وأصيلا وهي الصلاة في جميع أوقاتها لفضل الصلاة على غيرها. أو صلاة الفجر والعشاءين، لأنّ أداءها أشقّ ومراعاتها أشدّ.

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤)

لما كان من شأن المصلى أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمن ينعطف على غيره حنوّا عليه وترؤفا. كعائد المريض في انعطافه عليه، والمرأة في حنوّها على ولدها، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم: صلى الله عليك، أى ترحم عليك وترأف. فإن قلت: قوله هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ


(١) . لم أجده بهذا اللفظ. وروى الدارقطني والبيهقي وابن عدى من حديث أبى هريرة قال «سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل منا يذبح وينسى أن يسمى؟ قال: اسم الله على فم كل مسلم» وفيه مروان بن سالم.
وهو ضعيف جدا.