للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كبد الأرض وأقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا: عن كعب. وقيل: دمشق وغوطتها.

وعن الحسن: فلسطين والرملة، وعن أبى هريرة: الزموا هذه الرملة رملة فلسطين، فإنها الربوة التي ذكرها الله. وقيل: مصر. والقرار: المستقرّ من أرض مستوية منبسطة. وعن قتادة:

ذات ثمار وماء. يعنى أنه لأجل الثمار: يستقرّ فيها ساكنوها. والمعين: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض. وقد اختلف في زيادة ميمه وأصالته، فوجه من جعله مفعولا أنه مدرك بالعين لظهوره، من عانه: إذا أدركه بعينه، نحو: ركبه، إذا ضربه بركبته. ووجه من جعله فعيلا:

أنه نفاع بظهوره وجريه، من الماعون: وهو المنفعة،

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥١]]

يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)

هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما، وكيف والرسل إنما أرسلوا متفرّقين في أزمنة مختلفة. وإنما المعنى: الإعلام بأنّ كلّ رسول في زمانه نودي لذلك «١» ووصى به، ليعتقد السامع أنّ أمرا نودي له جميع الرسل ووصوا به، حقيق أن يؤخذ به ويعمل عليه. والمراد بالطيبات: ما حل وطاب. وقيل: طيبات الرزق حلال وصاف وقوام، فالحلال: الذي لا يعصى الله فيه، والصافي: الذي لا ينسى الله فيه، والقوام: ما يمسك النفس ويحفظ العقل.

أو أريد ما يستطاب ويستلذ من المآكل والفواكه. ويشهد له مجيئه على عقب قوله وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ ويجوز أن يقع هذا الإعلام عند إيواء عيسى ومريم إلى الربوة، فذكر على سبيل الحكاية، أى: آويناهما وقلنا لهما هذا، أى: أعلمناهما أنّ الرسل كلهم خوطبوا بهذا، فكلا مما رزقنا كما واعملا صالحا اقتداء بالرسل.

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٢]]

وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)

قرئ: وإنّ، بالكسر على الاستئناف. وأنّ بمعنى ولأنّ، وأن مخففة من الثقيلة، وأُمَّتُكُمْ مرفوعة معها.


(١) . قال محمود: «هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما وكيف والرسل إنما أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة وإنما المعنى الاعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك» قال أحمد: هذه نفحة اعتزالية، فان مذهب أهل السنة أن الله تعالى متكلم آمر ناه أزلا، ولا يشترط في تحقق الأمر وجود المخاطب، فعلى هذا قوله كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً على ظاهره وحقيقته عند أهل الحق، وهو ثابت أزلا على تقدير وجود المخاطبين فيما لا يزال، متفرقين كما في هذا الخطاب، أو مجتمعين كما في زعمه، والمعتزلة لما أبت اعتقاد قدم الكلام زلت بهم القدم، حتى حملوا هذه الآية وأمثالها على المجاز وخلاف الظاهر. وما بال الزمخشري خص هذه الآية بأنها على خلاف الظاهر، ومعتقده يوجب حمل مثل قوله تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وجميع الأوامر العامة في الأمة على خلاف الظاهر.