بعضا فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يجوز أن يريد بالذين كفروا: هؤلاء اللاغين والآمرين لهم باللغو خاصة، وأن يذكر الذين كفروا عامة لينطووا تحت ذكرهم. قد ذكرنا إضافة أسوأ بما أغنى عن إعادته. وعن ابن عباس عَذاباً شَدِيداً يوم بدر. وأَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ في الآخرة ذلِكَ إشارة إلى الأسوإ، ويجب أن يكون التقدير: أسوأ جزاء الذين كانوا يعملون، حتى تستقيم هذه الإشارة. والنَّارُ عطف بيان للجزاء. أو خبر مبتدإ محذوف.
فإن قلت: ما معنى قوله تعالى لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ؟ قلت: معناه أن النار في نفسها دار الخلد، كقوله تعالى لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ والمعنى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وتقول: لك في هذه الدار دار السرور. وأنت تعنى الدار بعينها جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ أى جزاء بما كانوا يلغون فيها، فذكر الجحود الذي هو سبب اللغو.
ثُمَّ لتراخى الاستقامة عن الإقرار في المرتبة. وفضلها عليه، لأنّ الاستقامة لها الشأن كله. ونحوه قوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته. وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه: استقاموا فعلا كما استقاموا قولا.