للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والريج، وإن الطعام والشراب علىّ حرام حتى تكفر بمحمد- وكان أحبّ ولدها إليها- فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك، فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه، فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالإحسان «١» . وروى أنها نزلت في عياش بن أبى ربيعة المخزومي، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضى الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة «٢» ، فخرج أبو جهل بن هشام والحرث بن هشام- أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة: امرأة من بنى تميم من بنى حنظلة- فنزلا بعياش وقالا له: إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين، وقد تركت أمّك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك، وهي أشدّ حبا لك منا فاخرج معنا، وفتلا منه في الذروة والغارب «٣» فاستشار عمر رضى الله عنه فقال: هما يخدعانك، ولك علىّ أن أقسم مالى بيني وبينك، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر، فقال له عمر: أما إذ عصيتني فخذ ناقتي، فليس في الدنيا بعير يلحقها، فإن رابك منهما ريب فارجع، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل:

إن ناقتي قد كلت فاحملني معك. قال: نعم، فنزل ليوطئ لنفسه وله، فأخذاه وشدّاه وثاقا، وجلده كل واحد منهما مائة جلدة، وذهبا به إلى أمه فقالت: لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد، فنزلت.

[[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٩]]

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩)

فِي الصَّالِحِينَ في جملتهم. والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين، وهو متمنى أنبياء الله. قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ وقال في إبراهيم عليه السلام: وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ أو في مدخل الصالحين وهي الجنة، وهذا نحو قوله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية.

[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ١٠ الى ١١]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ (١١)


(١) . ذكره الواحدي والثعلبي والواقدي هكذا بغير سند والقصة في صحيح مسلم من حديث سعد بن أبى وقاص بغير هذا السياق.
(٢) . تقدم الكلام عليه في سورة النساء وهذا السياق أورده الثعلبي عن مقاتل وسنده إليه في أول كتابه، وأخرجه ابن إسحاق في المغازي ومن طريقه البزار قال: حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر مطولا.
(٣) . قوله «وفتلا منه في الذروة والغارب» في الصحاح: ما زال فلان يفتل من فلان في الذروة والغارب، أى: يدور من وراء خديعته. (ع)