في مواطن الحق، حتى يقتدى به المؤمنون فلا يستحيوا من المكافحة بالحق وإن كان مرا. فإن قلت: الواو في وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ ما هي؟ قلت: واو الحال، أى: تقول لزيد: أمسك عليك زوجك مخفيا في نفسك إرادة أن لا يمسكها، وتخفى خاشيا قالة الناس وتخشى الناس، حقيقا في ذلك بأن تخشى الله، أو واو العطف، كأنه قيل: وإذ تجمع بين قولك. أمسك، وإخفاء خلافه، وخشية الناس. والله أحق أن تخشاه، حتى لا تفعل مثل ذلك.
إذا بلغ البالغ حاجته من شيء له فيه همة قيل: قضى منه وطره. والمعنى: فلما لم يبق لزيد فيها حاجة، وتقاصرت عنها همته، وطابت عنها نفسه، وطلقها، وانقضت عدتها زَوَّجْناكَها وقراءة أهل البيت: زوّجتكها. وقيل لجعفر بن محمد رضى الله عنهما: أليس تقرأ علىّ غير ذلك، فقال: لا والذي لا إله إلا هو، ما قرأتها على أبى إلا كذلك، ولا قرأها الحسن بن علىّ على أبيه إلا كذلك، ولا قرأها على بن أبى طالب على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كذلك وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا جملة اعتراضية، يعنى: وكان أمر الله الذي يريد أن يكونه، مفعولا مكونا لا محالة، وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، ومن نفى الحرج عن المؤمنين في إجراء «١» أزواج المتبنين مجرى أزواج البنين في تحريمهن عليهم بعد انقطاع علائق الزواج بينهم وبينهن. ويجوز أن يراد بأمر الله: المكون، لأنه مفعول بكن، وهو أمر الله.
فَرَضَ اللَّهُ لَهُ قسم له وأوجب، من قولهم: فرض لفلان في الديوان كذا. ومنه فروض العسكر لرزقاتهم سُنَّةَ اللَّهِ اسم موضوع موضع المصدر- كقولهم: تربا، وجندلا-:
مؤكد لقوله تعالى ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ كأنه قيل: سنّ الله ذلك سنة في الأنبياء الماضين، وهو أن لا يحرج عليهم في الاقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره، وقد كانت تحتهم المهائر والسراري، وكانت لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية، ولسليمان عليه السلام ثلاثمائة وسبعمائة فِي الَّذِينَ خَلَوْا في الأنبياء الذين مضوا الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ يحتمل
(١) . قوله «ومن نفى الحرج عن المؤمنين في إجراء» لعله في عدم إجراء، ويمكن أن المراد: الحرج الذي يكون في الاجراء والتسوية لو حصل ذلك الاجراء. (ع)