(٢) . قال محمود رحمه اللَّه: «فيه دليل على أن موسى عليه السلام رادهم القول، وعرفهم أن رؤية من لا يجوز عليه … الخ» . قال أحمد رحمه اللَّه: لقد انتهز الزمخشري ما اعتقده فرصة من هذه الآية التي لا مطمع له عند التحقيق في التشبث بها، فبنى الأمر على أن العقوبة سببها طلب ما لا يجوز على اللَّه تعالى من الرؤية على ظنه، وأنى له ذلك وثم سبب ظاهر في العقوبة سوى ما ادعاه هو كل السبب. وذلك أن موسى عليه السلام لما علم جواز رؤيته تعالى طلبها في آية الأعراف في دار الدنيا، فأخبره اللَّه تعالى أنه لا يراه في الدنيا، وصار ذلك عنده وعند بنى إسرائيل أصلا مقرراً، كما هو عندنا الآن معاشر أهل السنة أن اللَّه تعالى لا يرى في دار الدنيا، لأنه أخبر أنه لا يرى والخبر واجب الصدق وكما أخبر أنه لا يرى في دار الدنيا فقد وعد الوعد الصادق عز وجل برؤيته في الدار الآخرة وتخصيص ذلك بالمؤمنين، وبعد استقرار هذا المعتقد طلب بنو إسرائيل الرؤية في الدنيا تعنتا أو شكا في الخبر، فأنزل اللَّه تعالى بهم تلك العقوبة. وكيف تخيل الزمخشري وشيعته أن موسى عليه السلام طلب من اللَّه ما لا يجوز عليه. وهل هو لو كان الأمر على ما تخيل إلا كبني إسرائيل. ومعاذ اللَّه، لقد برأه من ذلك وكان عند اللَّه وجيها. وأما الأدلة العقلية على جواز رؤيته تعالى عقلا والسمعية على وقوعها في الدار الآخرة، فأكثر من أن تحصى وهي مستقصاه في فن الكلام. وإنما غرضنا في هذا الباب مباحثة الزمخشري والرد عليه من حيث يتمسك على ظنه وأخذه قوما منه. واللَّه الموفق.