فحذف المضاف اليه لكونه معلوما مدلولا عليه بذكر الأسماء، لأن الاسم لا بدله من مسمى، وعوض منه اللام كقوله:(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ) . فان قلت: هلا زعمت أنه حذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه، وأن الأصل: وعلم آدم مسميات الأسماء؟ قلت: لأن التعليم وجب تعليقه بالأسماء لا بالمسميات لقوله: (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) ، (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فكما علق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ولم يقل: أنبؤنى بهؤلاء، وأنبئهم بهم، وجب تعليق التعليم بها. فان قلت: فما معنى تعليمه أسماء المسميات؟ قلت: أراه الأجناس التي خلقها، وعلمه أن هذا اسمه فرس، وهذا اسمه بعير، وهذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع الدينية والدنيوية ثُمَّ عَرَضَهُمْ أى عرض المسميات. وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم. وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنى في زعمكم أنى أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء إرادة للرد عليهم، وأن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد كلها، ما يستأهلون لأجله أن يستخلفوا. فأراهم بذلك وبين لهم بعض ما أجمل من ذكر المصالح في استخلافهم في قوله (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) . وقوله:(أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) استحضار لقوله لهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) ، إلا أنه جاء به على وجه أبسط من ذلك وأشرح. وقرئ:
وعُلم آدم، على البناء للمفعول. وقرأ عبد اللَّه: عرضهن. وقرأ أُبىّ: عرضها. والمعنى عرض مسمياتهن أو مسمياتها: لأن العرض لا يصح في الأسماء. وقرئ: أنبيهم، بقلب الهمزة ياء.