(٢) . قال محمود: «فيه الصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف … الخ» قال أحمد: صدق، لا ورود للسؤال بهذا التوجيه، ولكن ثم سؤال متوجه، وهو أن يقال: لو عطف الصابئين ونصبه كما قرأ ابن كثير لأفاد أيضا دخولهم في جملة المتوب عليهم، ولفهم من تقديم ذكرهم على النصارى ما يفهم من الرفع من أن هؤلاء الصابئين وهم أوغل الناس في الكفر يتاب عليهم، فما الظن بالنصارى، ولكان الكلام جملة واحدة بليغا مختصرا والعطف إفرادى، فلم عدل إلى الرفع وجعل الكلام جملتين، وهل يمتاز بفائدة على النصب والعطف الافرادى؟ ويجاب عن هذا السؤال بأنه لو نصبه عطفه لم يكن فيه إفهام خصوصية لهذا الصنف، لأن الأصناف كلها معطوف بعضها على بعض عطف المفردات. وهذا الصنف من جملتها، والخبر عنها واحد. وأما مع الرفع فينقطع عن العطف الافرادى وتبقى بقية الأصناف مخصصة بالخبر المعطوف به. ويكون خبر هذا الصنف المنفرد بمعزل تقديره مثلا، والصابئون كذلك فيجيء كأنه مقيس على بقية الأصناف وملحق بها وهو بهذه المثابة، لأنهم لما استقر بعد الأصناف من قبول التوبة فكانوا أحقاء بجعلهم تبعا وفرعا، مشبهين بمن هم أقعد منهم بهذا الخبر. وفائدة التقديم على الخبر أن يكون توسط هذا المبتدإ المحذوف الخبر بين الجزئين، أدل على الخبر المحذوف من ذكره بعد تقضى الكلام وتمامه، واللَّه أعلم. [.....]