يكون على الجهات الأربع مقاديمهم ومآخيرهم وجنوبهم هذا ما كَنَزْتُمْ على إرادة القول.
وقوله لِأَنْفُسِكُمْ أى كنزتموه لننتفع به نفوسكم وتلتذ وتحصل لها الأغراض التي حامت حولها وما علمتم أنكم كنزتموه لتستضر به أنفسكم وتتعذب وهو توبيخ لهم فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ وقرئ: تكنزون، بضم النون، أى وبال المال الذي كنتم تكنزونه أو وبال كونكم كانزين.
فِي كِتابِ اللَّهِ فيما أثبته وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصوابا. وقيل في اللوح أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثلاثة سرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم، وواحد فرد وهو رجب. ومنه قوله عليه السلام في خطبته في حجة الوداع: ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض «١» . السنة اثنا عشر شهراً: منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة، والمحرّم. ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان. والمعنى: رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه، وعاد الحج في ذى الحجة، وبطل النسيء الذي كان في الجاهلية، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة، وكانت حجة أبى بكر رضى الله عنه قبلها في ذى القعدة ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ يعنى أنّ تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم، دين إبراهيم وإسماعيل، وكانت العرب قد تمسكت به وراثة منهما، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم ويحرمون القتال فيها، حتى لو لقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه لم يهجه، وسموا رجبا: الأصم ومنصل الأسنة، حتى أحدثت النسيء فغيروا فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ في الحرم أَنْفُسَكُمْ أى لا تجعلوا حرامها حلالا. وعن عطاء. تالله ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا، وما نسخت، وعن عطاء الخراساني رضى الله عنه: حلت القتال في الأشهر الحرم براءة من الله ورسوله. وقيل: معناه لا تأثموا فيهن، بيانا لعظم حرمتهن، كما عظم أشهر الحج بقوله تعالى فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ … الآية وإن كان ذلك محرما في سائر الشهور كَافَّةً حال من الفاعل أو المفعول مَعَ الْمُتَّقِينَ ناصر لهم، حثهم على التقوى بضمان النصر لأهلها.
(١) . متفق عليه من حديث أبى بكرة وفي الباب عن ابن عمر رضى الله عنهما أخرجه الطبري من رواية موسى ابن عبيدة عن صدقة بن يسار عنه بلفظ المصنف. وهو ضعيف. وعن ابن عباس أخرجه ابن مردويه.