وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف. وقرأ سعيد بن جبير: يؤفك عنه من أفك، على البناء للفاعل. أى: من أفك الناس عنه وهم قريش، وذلك أنّ الحي كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأى ليسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون له: احذره، فيرجع فيخبرهم.
وعن زيد بن على: يأفك عنه من أفك، أى: يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضا: يأفك عنه من أفك، أى: يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرئ: يؤفن عنه من أفن، أى: يحرمه من حرم، من أفن الضرع إذا نهكه حلبا.
قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ دعاء عليهم، كقوله تعالى قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ وأصله الدعاء بالقتل والهلاك، ثم جرى مجرى: لعن وقبح. والخرّاصون: الكذابون المقدرون ما لا يصح، وهم أصحاب القول المختلف، واللام إشارة إليهم، كأنه قيل: قتل هؤلاء الخراصون. وقرئ:
قتل الخراصين، أى: قتل الله فِي غَمْرَةٍ في جهل يغمرهم ساهُونَ غافلون عما أمروا به يَسْئَلُونَ فيقولون أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ أى متى يوم الجزاء. وقرئ بكسر الهمزة وهي لغة.
فإن قلت: كيف وقع أيان ظرفا لليوم، وإنما تقع الأحيان ظروفا للحدثان؟ قلت: معناه:
أيان وقوع يوم الدين. فإن قلت: فبم انتصب اليوم الواقع في الجواب؟ قلت: بفعل مضمر دل عليه السؤال، أى: يقع يوم هم على النار يفتنون. ويجوز أن يكون مفتوحا لإضافته إلى غير متمكن وهي الجملة. فإن قلت: فما محله مفتوحا؟ قلت: يجوز أن يكون محله نصبا بالمضمر الذي هو يقع، ورفعا على هو يوم هم على النار يفتنون. وقرأ ابن أبى عيلة بالرفع يُفْتَنُونَ يحرقون ويعذبون. ومنه الفتين: وهي الحرّة، لأن حجارتها كأنها محرقة ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ في محل الحال، أى: مقولا لهم هذا القول هذَا مبتدأ، والَّذِي خبره، أى: هذا العذاب هو الذي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ويجوز أن يكون هذا بدلا من فتنتكم، أى: ذوقوا هذا العذاب.