وصرف لأنه نكرة. ويقال: لقيته سحر: إذا لقيته في سحر يومه نِعْمَةً إنعاما، مفعول له مَنْ شَكَرَ نعمة الله بإيمانه وطاعته وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط عليه السلام بَطْشَتَنا أخذتنا بالعذاب فَتَمارَوْا فكذبوا بِالنُّذُرِ متشاكين فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فمسحناها وجعلناها كسائر الوجه لا يرى لها شق. روى أنهم لما عالجوا باب لوط عليه السلام ليدخلوا قالت الملائكة خلهم يدخلوا، إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فصفقهم جبريل عليه السلام بجناحه صفقه فتركهم يتردّدون لا يهتدون إلى الباب حتى أخرجهم لوط فَذُوقُوا فقلت لهم: ذوقوا على ألسنة الملائكة بُكْرَةً أوّل النهار وباكره، كقوله: مشرقين، ومصبحين.
وقرأ زيد بن على رضى الله عنهما: بكرة، غير منصرفة، تقول: أتيته بكرة وغدوة بالتنوين.
إذا أردت التنكير، وبغيره إذا عرّفت وقصدت بكرة نهارك وغدوته عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ ثابت قد استقرّ عليهم إلى أن يفضى بهم إلى عذاب الآخرة. فإن قلت: ما فائدة تكرير قوله فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ؟ قلت: فائدته أن يجدّدوا عند استماع كل نبا من أنباء الأوّلين ادكارا واتعاظا، وأن يستأنفوا تنبها واستيقاظا، إذا سمعوا الحث على ذلك والبعث عليه، وأن يقرع لهم العصا مرات، ويقعقع لهم الشن «١» تارات، لئلا يغلبهم السهو ولا تستولى عليهم الغفلة، وهكذا حكم التكرير، كقوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ عند كل نعمة عدّها في سورة الرحمن، وقوله فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ عند كل آية أوردها في سورة والمرسلات، وكذلك تكرير الأنباء والقصص في أنفسها لتكون تلك العبر حاضرة القلوب، مصورة للأذهان، مذكورة غير منسية في كل أوان.