للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٥]

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (١٠٥)

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا برسول اللَّه والقرآن وَاتَّقَوْا اللَّه فتركوا ما هم عليه من نبذ كتاب اللَّه واتباع كتب الشياطين لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ وقرئ: لمثوبة، كمشورة ومشورة لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أنّ ثواب اللَّه خير مما هم فيه وقد علموا، ولكنه جهلهم لترك العمل بالعلم.

فإن قلت: كيف أوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب لو؟ قلت: لما في ذلك من الدلالة على ثبات المثوبة واستقرارها كما عدل عن النصب إلى الرفع في سلام عليكم لذلك، فإن قلت:

فهلا قيل لمثوبة اللَّه خير؟ قلت: لأنّ المعنى: لشيء من الثواب خير لهم. ويجوز أن يكون قوله (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) تمنيا «١» لإيمانهم على سبيل المجاز عن إرادة اللَّه إيمانهم واختيارهم له، كأنه قيل وليتهم آمنوا:، ثم ابتدئ لمثوبة من عند اللَّه خير. كان المسلمون يقولون لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا ألقى عليهم شيئا من العلم: راعنا يا رسول اللَّه، أى راقبنا وانتظرنا وتأن بنا حتى نفهمه وتحفظه. وكانت لليهود كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهي «راعينا» فلما سمعوا بقول المؤمنين: راعنا، افترصوه وخاطبوا به الرسول صلى اللَّه عليه وسلم وهم يعنون به تلك المسبة، فهي المؤمنون عنها وأُمروا بما هو في معناها وهو انْظُرْنا من نظره إذا انتظره. وقرأ أُبىّ: أنظرنا من النظرة، أى أمهلنا حتى نحفظ وقرأ عبد اللَّه بن مسعود:

راعونا، على أنهم كانوا يخاطبونه بلفظ الجمع للتوقير: وقرأ الحسن: راعنا، بالتنوين من الرعن وهو الهوج، أى لا تقولوا قولا راعنا منسوبا إلى الرعن بمعنى رعنيا، كدارع ولابن لأنه لما أشبه قولهم: راعينا، وكان سببا في السب اتصف بالرعن وَاسْمَعُوا وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ويلقى عليكم من المسائل بآذان واعية وأذهان


(١) . قال محمود رحمه اللَّه: «ويجوز أن يكون قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) تمنيا … الخ» قال أحمد رحمه اللَّه:
التمني مجاز عن إرادة اللَّه تعالى لايمانهم وتقواهم من طراز تفسيره للعل بالارادة والرد عليه على سبيل ثم.