والنصب في آياتٌ. وإذا رفعت فالعاملان: الابتداء وفي: عملت الرفع في آياتٌ، والجر في وَاخْتِلافِ وقرأ ابن مسعود: وفي اختلاف الليل والنهار. فإن قلت: العطف على عاملين على مذهب الأخفش سديد لا مقام فيه. وقد أباه سيبويه، فما وجه تخريج الآية عنده؟
قلت: فيه وجهان عنده. أحدهما: أن يكون على إضمار في. والذي حسنه تقدّم ذكره في الآيتين قبلها. ويعضده قراءة ابن مسعود. والثاني: أن ينتصب آيات على الاختصاص بعد انقضاء المجرور معطوفا على ما قبله أو على التكرير، ورفعها بإضمار هي: وقرئ: واختلاف الليل والنهار بالرفع. وقرئ: آية. وكذلك وما يبث من دابة آية. وقرئ وتصريف الريح. والمعنى: إنّ المنصفين من العباد إذا نظروا في السماوات والأرض النظر الصحيح، علموا أنها مصنوعة، وأنه لا بدّ لها من صانع، فآمنوا بالله وأقرّوا، فإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى هيئة، وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان: ازدادوا إيمانا، وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس، فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدّد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بها بعد موتها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ جنوبا وشمالا وقبولا ودبورا: عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم، وسمى المطر رزقا، لأنه سبب الرزق تِلْكَ إشارة إلى الآيات المتقدّمة، أى: تلك الآيات آيات الله. ونَتْلُوها في محل الحال، أى: متلوة عَلَيْكَ بِالْحَقِّ والعامل ما دل عليه تلك من معنى الإشارة. ونحوه: هذا بَعْلِي شَيْخاً وقرئ: يتلوها، بالياء بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ أى بعد آيات الله كقولهم: أعجبنى زيد وكرمه، يريدون: أعجبنى كرم زيد. ويجوز أن يراد: بعد حديث الله، وهو كتابه وقرآنه، كقوله تعالى، اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ. وقرئ يُؤْمِنُونَ بالتاء والياء.