للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجليه، أى نجعلها مستوية شيئا واحدا كخف البعير وحافر الحمار لا تفرق بينها، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئا مما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل والأنامل من فنون الأعمال، والبسط والقبض، والتأتى لما يريد من الحوائج. وقرئ قادرون، أى: نحن قادرون، بَلْ يُرِيدُ عطف على أَيَحْسَبُ فيجوز أن يكون مثله استفهاما، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه. وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه: يقدم الذنب ويؤخر التوبة. يقول: سوف أتوب، سوف أتوب: حتى يأتيه الموت على شرّ أحواله وأسوإ أعماله يَسْئَلُ سؤال متعنت مستبعد لقيام الساعة في قوله أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ونحوه: ويقولون متى هذا الوعد.

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ٧ الى ١٥]

فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١)

إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥)

بَرِقَ الْبَصَرُ تحير فزعا، وأصله من برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره. وقرئ:

برق من البريق، أى لمع من شدة شخوصه. وقرأ أبو السمال: بلق إذا انفتح وانفرج. يقال:

بلق الباب وأبلقته وبلقته: فتحته وَخَسَفَ الْقَمَرُ وذهب ضوؤه، أو ذهب بنفسه. وقرئ:

وخسف على البناء للمفعول وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ حيث يطلعهما الله من المغرب. وقيل:

وجمعا في ذهاب الضوء «١» وقيل: يجمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران في النار. وقيل يجمعان ثم يقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى الْمَفَرُّ بالفتح المصدر، وبالكسر:

المكان. ويجوز أن يكون مصدرا كالمرجع. وقرئ بهما كَلَّا ردع عن طلب المفرّ لا وَزَرَ لا ملجأ، وكل ما التجأت إليه من جبل أو غيره وتخلصت به فهو وزرك إِلى رَبِّكَ

خاصة يَوْمَئِذٍ

مستقرّ العباد، أى استقرارهم، يعنى: أنهم لا يقدرون أن يستقرّوا إلى غيره وينصبوا إليه. أو إلى حكمه «٢» ترجع أمور العباد، لا يحكم فيها غيره، كقوله لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ أو إلى ربك مستقرّهم، أى: موضع قرارهم من جنة أو نار، أى: مفوض ذلك إلى مشيئته، من شاء أدخله


(١) . قوله «وقيل وجمعا في ذهاب الضوء» لعله: وقيل جمعا. (ع)
(٢) . قوله «وينصبوا إليه أو إلى حكمه» في الصحاح «نصب القوم» : ساروا يومهم، وهو سير لين، ونصب الرجل- بالكسر- نصبا: تعب. (ع)