شهادة الأنبياء بما هو أطم منها، وهو أنهم يمنعون الكلام فلا يؤذن لهم في إلقاء معذرة ولا إدلاء بحجة. وانتصاب اليوم بمحذوف تقديره: واذكر يوم نبعث، أو يوم نبعث وقعوا فيما وقعوا فيه، وكذلك إذا رأوا العذاب بغتهم وثقل عليهم فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ كقوله بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ … الآية.
إن أرادوا بالشركاء آلهتهم، فمعنى شُرَكاؤُنَا آلهتنا التي دعوناها شركاء. وإن أرادوا الشياطين، فلأنهم شركاؤهم في الكفر وقرناؤهم في الغىّ: ونَدْعُوا بمعنى نعبد. فإن قلت: لم قالوا إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ وكانوا يعبدونهم على الصحة؟ قلت: لما كانوا غير راضين بعبادتهم فكأن عبادتهم لم تكن عبادة. والدليل عليه قول الملائكة كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ يعنون أن الجن كانوا راضين بعبادتهم لا نحن، فهم المعبودون دوننا. أو كذبوهم في تسميتهم شركاء وآلهة تنزيها لله من الشريك. وإن أريد بالشركاء الشياطين، جاز أن يكون «كاذبين» في قولهم إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ كما يقول الشيطان: إنى كفرت بما أشركتمونى من قبل وَأَلْقَوْا يعنى الذين ظلموا. وإلقاء السلم: الاستسلام لأمر الله وحكمه بعد الإباء والاستكبار في الدنيا وَضَلَّ عَنْهُمْ وبطل عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ من أن لله شركاء، وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين كذبوهم وتبرؤا منهم.
الَّذِينَ كَفَرُوا في أنفسهم، وحملوا غيرهم على الكفر: يضاعف الله عقابهم كما ضاعفوا كفرهم. وقيل في زيادة عذابهم حيات أمثال البخت وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن اللسعة فيجد صاحبها حمتها «١» أربعين خريفا. وقيل: يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة برده إلى النار بِما كانُوا يُفْسِدُونَ بكونهم مفسدين الناس بصدّهم عن سبيل الله.
(١) . قوله «حمتها» حمة العقرب بالتخفيف، والهاء عوض عن اللام وهي سمها. واما حمة الحر، فبالتشديد، وهي معظمه، أفاده الصحاح. (ع)