مكية. وقيل مكية ومدنية لأنها نزلت بمكة مرة وبالمدينة أخرى. وتسمى أمّ القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على اللَّه تعالى بما هو أهله، ومن التعبد بالأمر والنهى، ومن الوعد والوعيد. وسورة الكنز والوافية لذلك. وسورة الحمد والمثاني لأنها تثنى في كل ركعة. وسورة الصلاة لأنها تكون فاضلة أو مجزئة بقراءتها فيها. وسورة الشفاء والشافية. وهي سبع آيات بالاتفاق، إلا أنّ منهم من عدّ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ دون التسمية، ومنهم من مذهبه على العكس.
[[سورة الفاتحة (١) : آية ١]]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)
قرّاء المدينة والبصرة والشأم وفقهاؤها على أنّ التسمية ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وإنما كتبت للفصل والتبرك بالابتداء بها، كما بدأ بذكرها في كل أمر ذى بال، وهو مذهب أبى حنيفة رحمه اللَّه ومن تابعه، ولذلك لا يجهر بها عندهم في الصلاة. وقرّاء مكة والكوفة وفقهاؤهما على أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة، وعليه الشافعي وأصحابه رحمهم اللَّه، ولذلك يجهرون بها. وقالوا:
قد أثبتها السلف في المصحف مع توصيتهم بتجريد القرآن، ولذلك لم يثبتوا (آمين) فلولا أنها من القرآن لما أثبتوها. وعن ابن عباس:«من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب اللَّه تعالى»«١» .
(١) . موقوف، ليس بمعروف عنه، والذي في الشعب للبيهقي عنه: «من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب اللَّه» . وتعقب ابن الحاجب ما أورده الزمخشري بأن قال: «الصواب مائة وثلاث عشرة» وبهذا اللفظ ذكر الشهرزوري في المصباح. وزاد: وإنما لم يقل «أربع عشرة» لأن براءة لا بسملة فيها، انتهى. روى البيهقي في الشعب عن أحمد بن حنبل أنه قال: «من لم يقل مع كل سورة بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية من كتاب اللَّه تعالى» . قلت: وقفت على سبب الغلط في منقول الزمخشري. وذلك أن الحاكم روى في ترجمة عبد اللَّه بن المبارك بسند له عن على القاشاني قال: «رأيت عبد اللَّه بن المبارك يرفع يديه في أول تكبيرة على الجنازة ثم الثانية أخفض قليلا والصلوات مثل ذلك» . قال على قال عبد اللَّه «من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم في فواتح السور فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية» . قال عبد اللَّه: وأخبرنا حنظلة بن عبد اللَّه عن شهر بن حوشب عن ابن عباس رضى اللَّه عنه قال: «من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب اللَّه تعالى» . فلما لم يخص ابن عباس سورة حمله ابن المبارك على الكل إلا براءة فكان مائة وثلاث عشرة.