تؤمنون … الخ» قال أحمد: إنما وجه إعراب الفراء بما ذكر، لأنه لو جعله جوابا لقوله هَلْ أَدُلُّكُمْ فإنكم إن أدلكم على كذا وكذا أغفر لكم، فتكون المغفرة حينئذ مترتبة على مجرد دلالته إياهم على الخير، وليس كذلك، إنما تترتب المغفرة على فعلهم لما دلهم عليه لا على نفس الدلالة، فلذلك أول هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ بتأويل: هل تتجرون بالايمان والجهاد حتى تكون المغفرة مترتبة على فعل الايمان والجهاد لا على الدلالة، وهذا التأويل غير محتاج إليه، فان حاصل الكلام إذا صار إلى: هل أدلكم أغفر لكم، التحق ذلك بأمثال قوله تعالى قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ فانه رتب فعل الصلاة على الأمر بها، حتى كأنه قال، فإنك إن تقل لهم أقيموا يقيموها. وللقائل أن يقول: قد قيل لبعضهم: أقم الصلاة فتركها؟ فالجواب عنه: أن الأمر الموجه على المؤمن الراسخ في الايمان لما كان مظنة لحصول الامتثال، جعل كالمحقق وقوعه مرتبا عليه، وكذلك هاهنا لما كانت دلالة الذين آمنوا على فعل الخير مظنة لامتثالهم. وامتثالهم سببا في المغفرة محققا: عومل معاملة تحقق الامتثال والمغفرة مرتبين على الدلالة، والله أعلم.